تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

ندوات تناقش الرواية العربية في عالم متغير بـ”كتارا”

ندوات تناقش الرواية العربية في عالم متغير بـ”كتارا”

تواصلت الجلسات الخاصة بالرواية العربية التي تنظم على هامش مهرجان كتارا للرواية العربية في دورتها الثانية، بمشاركة نخبة من النقاد والروائيين. وناقشت الجلسات عددا من المحاور منها: تحولات الشكل في الرواية العربية والمحلي والإنساني في الرواية ثم تحولات الرواية الخليجية.

خلال الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور شكري الماضي، قدم كل من الدكتور عبدالملك أشهبون والدكتور إبراهيم عبدالمجيد، ورقتين: الأولى بعنوان: «التخيل السير ذاتي» في السرد العربي: التركيب والدلالة»، بينما جاءت الثانية بعنوان: «الشكل الفني للرواية وتاريخ الفنون».

وأكد الدكتور عبدالملك أشهبون أن الكاتب العربي في سعيه الحثيث للخروج من سجن الكتابة المباشرة للسيرة الذاتية، من أجل معانقة عوالمَ كتابةٍ سيرة ذاتية أكثر تحررا وتمردا وشاعرية؛ عمد إلى الثورة على أبرز مقومات السيرة الذاتية المألوفة، من قبيل: «قول الحقيقة»، «الصدق»، و»الكتابة المطابقة للواقع»، فيما أفرزت رؤيته الجديدة تحققات سردية أغلبها يتأرجح بين الرواية والسيرة، مشيرا أن الأعمال السردية ـ على قلتها ـ التي اعتمدت «التخيل السير الذاتي» وظفت كل الوسائل الجمالية المتاحة إبداعياً لبلورة سيرة ذاتية منزاحة عن الكتابة المباشرة للسيرة الذاتية، وتمكنت، بالتالي، من ربح الرهانين معاً: رهان الإبداع أولا من خلال إنتاج نص سردي منزاح عما هو مألوف في السيرة الذاتية التقليدية، ثم رهان تمثيل الذات والتعبير عنها، بعيدا عن إكراهات الكتابة المباشرة للسيرة الذاتية.

وأوضح أشهبون، أنه خلال العقدين الأخيرين، انتشرت تعيينات جنسية مخاتلة ومراوغة من قبيل: «الرواية السير ذاتية»، «السيرة- الرواية»، «سيرة مدينة»، «سيرة ذهنية».

وبحسب الباحث المغربي «يبدو أن لجوء الروائي إلى توصيف أعماله بهذه السميات المركبة، راجع إلى محاولته إيجاد إمكانية كتابة سير ذاتية، تجمع بين التذكر والتخيل، مع الحفاظ على مسافة تتيح للمؤلف أن ينظر إلى الأشياء والأحداث التي عاشها أو تخيلها، نظرة تتيح له ممارسة النقد الذاتي، والتشكيك، وإعادة النظر»، مبينا أن هذه التوصيفات التجنيسية، تبدو كما لو كانت نوعا أدبيا هجينا يمثل ثمرة تزاوج ما بين السيرة الذاتية والرواية. وأضاف: «بالعودة إلى رواية «الخبز الحافي» لمحمد شكري، نجده يصنفها على أنها «سيرة ذاتية روائية». وحينما سُئِل عن سبب هذه التسمية، رد قائلاً: «أنا لا أقول إنها رواية ولا أقول في نفس الوقت، إنها سيرة ذاتية مكتوبة بتاريخ مسلسل، فهي سيرة ذاتية مُرَوَّاة، أو سيرة ذاتية بشكل روائي».

وقال إبراهيم عبدالمجيد من جهته: «هل يشكل المضمون قضية حقيقة للكاتب؟ سؤال إجابته تنهي الجدل التقليدي عن الشكل والمضمون»، مشيرا أن المضمون لا يشكل قضية رئيسية للكاتب.

ووضح عبدالمجيد، أن أول ما يدرس في المدارس العربية هو الشعر العربي، منبها، أنه رغم كوننا في زمن الرواية، فإن الشعر هو القادر على التوصيل للقارئ في شكل فني، وذلك راجع إلى أن هذا القارئ أو المستمع يدرس ذلك في المدرسة منذ وقت مبكر، بينما لا تزال دراسة الروايات لم تتسع اتساع دراسة الشعر في المدارس.

المحلي والإنساني في الرواية

وأثناء الجلسة الثالثة التي اتُّخذ لها عنوان: «المحلي والإنساني في الرواية»، تحدث كل من الأكاديمي والروائي الجزائري واسيني الأعرج والدكتورة هويدا صالح، والدكتور صالح هويدي فيما أدارها الدكتور محمد الشحات.

وقال واسيني الأعرج في ورقته بعنوان: الرواية العربية الارتقاء بالمحلية وأنْسَنَة العَالَمِية: «لا توجد محلية إنسانية إلا بقدر ما تتحول هذه الأخيرة إلى قيمة إنسانية واسعة وعالية، مرجعها في النهاية الإنسان الكلي، المتشابه في كل الأصقاع»، مشيرا إلى أن كل قضايانا لها ما يبرر خصوصيتها المحلية، لكنها تصبح إنسانية في اللحظة التي تتحول فيها إلى انشغال بشري عام.

ومثل واسيني لذلك بالقضية الفلسطينية باعتبارها قضية عربية بامتياز، لكنها في الوقت نفسه، قضية الإنسان في مواجهة وضع تراجيدي، بعد أن أخرج من أرضه بالقوة، وشرد منها، لافتا أن جزءا من أدب المقاومة الفلسطينية يظل محليا، نتداوله بسعادة ورضا نفسي لكنه لا يصل إلى الآخر ولن يصل إليه إلا عند ضمان شرطين أجملهما في عدالة القضية ثم اندراج القضية أدبيا في أفق إنساني.

ويرى واسيني أن المحلية أصبحت قيمة إنسانية، باتساع أفقها. لكن بقدر ما تتحول المحلية إلى مساحة ضيقة رهينة الذات المنكسرة والهوية الضيقة، ينتفي فيها الأدب والإنسان معا ـ على حد تعبيره ـ.

وفي موضوع «جدل المحلي والعالمي في الرواية العربية «، أكدت د. هويدا صالح من مصر

أن الرواية هي الجنس الأدبي الأكثر قدرة على تصوير طموحات الإنسان وتطلعاته، مآسيه وعذاباته، ومنذ بدايات الرواية في العالم لم يقتصر تصويرها، ولم تقتصر دلالاتها على مكان كتابتها أو على الزمن التاريخي الذي تدخله فضاءها السردي، بل أبدعت الرواية عبر تاريخ كتابتها نماذج إنسانية متخيلة عامة تضم تحديدات بشرية في أوج تصاعدها وفي قمة إمكاناتها وتناقضاتها، نماذج إنسانية تنسحب على كل مكان وزمان، لأنها اشتغلت على هموم الإنسان وقضاياه وعلى المشتركات والقواسم المختلفة بين عموم الإنسانية.

وناقش الدكتور صالح هويدي موضوع: «المحلي والإنساني: جدل أم تراتبية؟» من خلال بسط عدد من الأسئلة حول دلالة الصياغة الجديدة لهذه الثنائية ومتغيراتها، فضلا عن التساؤل عن دلالة صياغة الموضوعة في بنية العنوان: أيقصد بها الدلالة على الجمع بين المعطيين؟ أم وضع طرفيها إزاء بعض في صيغة تضاد، لاختيار أحدهما؟ أم المقصود بها منطق التسلسل التراتبي (التفضيلي)؟ منتقلا بعدها إلى السؤال الأهم وهو: هل ثمة فهم واضح محدد يمكننا الانطلاق منه لمفهوم المحلي والإنساني؟.

المصدر: جريدة “العرب” القطرية

التاريخ: 12 أكتوبر 2016