تخطي التنقل

لقد تم فتح باب الترشح في مسابقة كتارا للرواية والفن التشكيلي.

مهرجان كتارا

مهرجان كتارا

اختتمت منذ أيام فعاليات الدورة الخامسة لجائزة كتارا للرواية العربية، ومنحت الجوائز لعدد كبير من الروائيين والنقاد، وكتاب روايات الفتيان، وكانت جوائز طيبة وسخية، وكالعادة في كل دورة، لا بد من الإعلان عن نشاط جديد لكتارا، يخص الرواية، سيعمل على تطبيقه فورا ليلحق بالدورات السابقة، أو يمهد الطريق لعطاء أجود وأجمل في مجال الكتابة الروائية، ولأن الرواية هي الجنس الإبداعي السائد حاليا، فهي تستحق كل هذا الاهتمام، مع ملاحظة أن ثمة عودة للقصة القصيرة ابتدأت في السنوات الأخيرة، وأظهرت جائزة الملتقى للقصة القصيرة الكويتية التي أطلقت منذ ثلاثة أعوام، عشرات بل مئات من كتاب القصة القصيرة، الذين كان إبداعهم يتوارى خلف الرواية، يود لو ظهر، والرواية بكل ما منحت من منصات للتنصيب زعيمة للإبداع المكتوب، تمنعه من ذلك الظهور.

في العام قبل الماضي أعلن عن إنشاء مكتبة للرواية، وعن افتتاح دار كتارا للنشر، التي أصدرت حتى الآن كثيرا من العناوين الجيدة في مجال التاريخ والتراث الخليجي والشعر، إضافة إلى الروايات الفائزة في عدة دورات بأغلفة خاصة مميزة، دمج فيها تكريم الفن التشكيلي بتكريم الرواية، وتفتح الدار الآن أبوابها للكتابة الروائية التي تظنها تضيف إلى المشهد جديدا، وكما اعتدنا أن نقول دائما، إن الجائزة رغم حداثتها، أظهرت انتشارا كبيرا، حيث يقدم لها الكبار والصغار معا، وتعتمد في التحكيم على النقاد الأكاديميين، وهذا قد يعتبر قصورا ما، لأن النقاد الأكاديميين قد يتعاملون مع النصوص من منطلق صارم وعنيف، بينما الكتاب والقراء المتمكنين الذين قد يدخلون لجان التحكيم، يكونون أكثر مرونة في تذوق الأعمال والإدلاء برأي فيها، ولا بأس من التنويع، بحيث تشمل لجان التحكيم بجانب الجامعيين، كتابا أيضا لهم تجارب في الكتابة والتحكيم، وبالطبع هذا رأي غير ملزم، لكنني أكتبه، لأنني أرى ضرورة كتابته.

أيضا، وبعد انتهاء الدورة الخامسة، أعتقد أن يتم تقييم الدورات كلها، للبحث عن فجوات قد تكون موجودة وسدها، مثل خفوت الإعلام طوال فترة الإعداد لأي دورة من دورات الجائزة، ونشاطه غالبا في الفترة القصيرة التي ستعلن بعدها الجائزة، وهذا ليس عيبا في تمكن الجائزة، أو عدم أهميتها، ولكن لأن طبيعة الجائزة هكذا، تأتي مرة واحدة، ويربح فيها المتقدمون أو يخسرون من دون أن يمروا إعلاميا بالمراحل المعروفة للربح والخسارة، أي تلك القوائم الطويلة والقصيرة، التي ينتقى منها في النهاية العمل أو الأعمال الفائزة في حالة هذه الجائزة متعددة الفائزين.

أعتقد أن تفعيل نظام القوائم هنا، سيزيد من انتشار أخبار الجائزة وجعلها أخبارا أكيدة، والمتابعة بدقة في الأجهزة الإعلامية، ستظهر قائمة طويلة، تزداد بسببها فرصة قراءة الأعمال التي تظهر فيها، بعدها تظهر القصيرة، لتلمع نصوص معينة أكثر، وتستولى على خيال القارئ، الذي سيتابعها بلا شك، وحين تعلن الأعمال الفائزة، سيكون للقراء رأي أكيد، إنه طقس مبهج يثري الجائزة ويثري الحياة الثقافية أكثر.

وأظننا نتابع في جوائز أخرى عربية وعالمية، كيف أن القوائم الطويلة والقصيرة، تسعد القراء، وتجتذب القراءة، وأسمي مواسم ظهور القوائم تلك،  مواسم القراءة، حتى بالنسبة للكتاب الكبار والراسخين، ربما تتأثر قراءة أعمالهم الجديدة، أو تواجه بانتشار أقل ما لم تدخل في قائمة طويلة، أو قصيرة، لذلك تجد المبدعين وباختلاف أجيالهم، يتقدمون  للجوائز، ولو نظرنا لجائزة مان بوكر البريطانية، في موسمها الحالي الذي انتهى منذ فترة قليلة، لوجدنا القائمة القصيرة، فيها كتاب لا تظن أبدا أنهم قد يهتمون بالجوائز، أو يقفون في صفها مثل مارغريت أتوود التي حصلت على  مناصفة مع كاتبة أقل شهرة، الجائزة، وكانت القائمة القصيرة تضم اثنين من ذوي البريق إضافة إلى أتوود.

هذا العام أعلنت جائزة كتارا عن إنشاء مختبر للرواية، وهذا نشاط كبير، سيكون بمثابة بوابة المرور التي سيعبر خلالها الإبداع الشاب إلى الجودة، أولا بسبب النصائح والتقنيات التي سيزوده بها المتخصصون في الفن الكتابي، ثم يعبر إلى النشر والقراءة، وكلنا يعرف وظيفة المختبرات التي هي التطبيق العلمي للنظريات. أيضا أعلن عن فوز الزميل أحمد عبد الملك بأول جائزة في مجال الإبداع المحلي للكاتب القطري، وكان أعلن عن ذلك الفرع من الجائزة، العام الماضي. وبمتابعتي للنشاط الكتابي في قطر وكل دول الخليج، أرى تزايدا كبيرا في الكتابة الروائية لدى الأجيال الشابة، ومعروف أن عددا كبيرا من الكتاب في الخليج تصدروا قوائم الجوائز ونالوها في السنوات الأخيرة، وكنت أشرف على ورشة للكتابة من قبل، وانتبهت إلى كم الرقي الذي طال كتابات بعض الشباب هنا، رقي في الأفكار والمعالجة، ورغبة في التجريب والابتكار.

أتوقع هذه السنة أن يبدأ نشاط المكتبة بجدية أكبر في كتارا، وتبدأ في  برامج داعمة مثل استضافة المبدعين للتحدث في الندوات، أو توقيع أعمالهم، أو برامج أخرى جيدة، ومعروفة مثل لقاء كاتب بقرائه، وكلها برامج مهمة، تضيف للجائزة بعدا ما.

وكما أقول دائما، مرحبا بجوائز الكتابة، حتى تلك التي لا تقدم أموالا كبيرة، فالجوائز هي فرح الكتابة بلا شك، والذين يكرمون خاصة الذين قضوا سنوات من عمرهم وهم ينتجون، لا بد يحسون بقيمة ما قدموه، إن حدث وتذكرتهم جائزة.

المصدر: صحيفة القدس العربي