تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

مهرجان كتارا للرواية العربية يسدل الستار على دورته الثانية غداً

مهرجان كتارا للرواية العربية يسدل الستار على دورته الثانية غداً

يحتضن مسرح دار الأوبرا في المؤسسة العامة للحي الثقافي “كتار” مساء غدا حفل ختام الدورة الثانية لمهرجان كتارا للرواية العربية، بتتويج الفائزين الخمسة في فئة الرواية غير المنشورة وقيمتها 30 ألف دولار لكل عمل، والرواية المنشورة وقيمتها 60 ألف دولار لكل رواية، إضافة إلى الروائيين الفائزين بأفضل إنتاج قابل للتحويل إلى عمل درامي. كما توزع الجوائز على الباحثين الخمسة الذين فازوا في صنف النقد الروائي والدراسات غير المنشورة والبالغ قيمتها 75 ألف دولار.

بلغ عدد مشاركات هذه الدورة 1004مشاركات، منها 234 رواية طبعت عام 2015، و732 رواية غير منشورة، إضافة إلى 38 دراسة. واحتلت مصر والسودان صدارة الدول المشاركة من حيث العدد بـ375 مشاركة، تليها بلاد الشام والعراق بـ260 مشاركة، و257 مشاركة من المغرب العربي، و105 مشاركة خليجية، إضافة إلى 7 مشاركات من السويد وأريتريا ونيجيريا.

متغيرات في الرواية

وكان المهرجان شهد أمس أربع جلسات نقاشية، تناولت الجلسة الأولى “المتغيرات في الرواية العربية المعاصرة”، وشارك فيها كل من رزان إبراهيم، والأديب الدكتور أمير تاج السر، والناقد الدكتور مصطفى جمعة، وأدارها الناقد الدكتور سعيد يقطين.

في البداية أشارت الدكتورة رزان إبراهيم في ورقة بعنوان “الرواية العربية المعاصرة اتصال أم انقطاع؟” إلى أن هناك نمطا سرديا له حضوره الآن ولم يتخلق مباشرة بعد عام 2010، وعرجت في هذا السياق على مجموعة من السمات أبرزها غياب القواعد والقواني السردية المتعارف عليها، فضلا عن نمط سردي متطرف في انقطاعه عن العالم، ثم نمط يتحصن بالخيال عبر رحلة فوق عقلانية، ودعت الناقدة إلى تفعيل التصدي النقدي لمن يجترئون على اقتحام عالم الرواية من قبل من لا يمتلكون مؤهلات لذلك. وقالت في ختام مداخلتها انه لابد من التنسيق بين الناقد والناشر لمعرفة ما يطلبه القارىء، مشيرة إلى أن هذا القارىء يبحث عن ذاته، وعن رؤى التي تحاول أن تجيب عن بعض الأسئلة الملحة اليوم،مشيرة إلى أنه لابد من أن يأخذ السؤال التالي بعين الاعتبار: ماهي الرواية التي يقبل عليها القارىء؟ ولماذا يقبل عليها؟

أما الدكتور مصطفى جمعة فتحدث عن “السرد الروائي العربي في الفضاء الرقمي”، في جزئيه النظري والتطبيقي، وناقش في الجزء النظري علاقة الأدب بالإنترنت، هذا العالم الذي بات حقًا من حقوق الإنسان المعاصر، وحصر الجانب التطبيقي في أشكال السرد الروائي على الإنترنت وأنماطه المختلفة مثل الرواية الفيسبوكية، والرواية التكنولوجية، ورواية علاقات الإنترنت وغيرها..

وقدم الدكتور أمير تاج السر، شهادة حول تجربته الروائية وكيف اقتحم عوالم الكتابة منذ المرحلة الإعدادية وتعرّفه على كتاب وروائيين كبار عندما كان في مصر، وقال في سياق أجابته عن علاقة الادب بالمادة العلمية التي تأتي في سياق النص الأدبي ان المعرفة تقدم ولكن القصة تظل هي نفسها، فمثلا قد يطرح الكاتب موضوع الفلسفة فيستمتع القارىء بالرواية وفي نفس الوقت يلم بالموضوع العلمي ألا وهو الفلسفة. وقدم أمثلة من قصصه جاءت على هذه الشاكلة ولم يتذمر أحد من تداخل العلمي مع الأدبي.

تحولات الشكل

في الجلسة الثانية ناقش المشاركون تحولات الشكل في الرواية العربية، حيث قدم الدكتور عبد الملك أشهبون ورقة بعنوان “التخيل السير ذاتي في السرد العربي: التركيب والدلالة”، فيما تحدث الدكتور إبراهيم عبدالمجيد عن “الشكل الفني للرواية وتاريخ الفنون”، وأدار الجلسة الدكتور شكري الماضي.

وأفاد أشهبون بان من ضمن تحولات الشكل الروائي في المغرب مثلا الرواية العرفانية وهي نوع أدبي يدرس ويعطى الاهتمام على مستوى النقد الأدبي، مضيفا: من المعروف أن النوع الأدبي الذي يزاوج بين أنواع متغيرة هو من أبرز من تجليات الحداثة في الرواية والنتيجة التي يسفر عنها هذا التزاوج هو إعادة تأليف النوع الأدبي وتكييف محدداته مع ظهور كل إنتاج جديد يندرج في نطاقه. وأضاف قائلا: إن كل سيرة ذاتية تتضمن بصورة إجبارية قسما من التخييل الذاتي الذي يكون غاليا لا واعيا أو مستترا. وفي الجزء الخاص بالتخيل الذاتي في المشهد العربي أشار الناقد إلى أن رواج مصطلح التخييل الذاتي وتداوله عربيا ظل محصورا في نطاق ضيق جدا، رغم أن العديد من النقاد يذهبون إلى تصنيف روايات بعينها بأنها تدخل في باب التخييل الذاتي، وقال إن الروائي المغربي عبد القادر الشاوي فضل أن يسمي كتابه “دليل المدى” و”من قال أنا” بتخييل ذاتي معتبرا أن هذا الكتاب ليس دراسة فكرية ولا سياسية بل هو كتاب من فعل التخييل، ومن مجنحات أوهامه.

وقال الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد: منذ سن مبكرة ومثل أي كاتب أدركت أن الشكل الفني هو أساس الموضوع، وهذا ما يميز المدارس عن بعضها البعض، حيث الكلاسيكية والرومانسية والعبثية والتغريبية والملحمية الخ.. مضيفا أن الشكل الأدبي يختلف وفقا للعصر ووفقا لرؤية الكتاب التي تختلف من مرحلة الى أخرى، والأدب قائم على هذه المدارس الأدبية. وعرج الكاتب على الرواية التاريخية والكلاسيكية والواقعية الاشتراكية والواقعية الوجودية.. مشيرا إلى أن شكل الرواية تغير عبر هذه المراحل التاريخية.

سؤال إشكالي

في الجلسة الثالثة ناقش كل من الروائي واسيني الأعرج، والدكتورة هويدا صالح، والدكتور صالح هويدي، “المحلي والإنساني في الرواية” بإدارة الناقد الدكتور محمد الشحات الذي أشار في مستهل تقديمه لموضوع الجلسة إلى أن سؤال المحلي والإنساني أو المحلي والكوني سؤال إشكالي تتناوله الكثير من الأوراق النقدية والمداخلات البحثية معرجا على بعض مشاهير الرواية في العالم مثل شكسبير وموليير وغيرهما.

في البداية أكدت د. هويدا صالح في ورقة بعنوان “جدل المحلي والعالمي في الرواية العربية ” أن الرواية هي الجنس الأدبي الأكثر قدرة على تصوير طموحات الإنسان وتطلعاته، مآسيه وعذاباته، ومنذ بدايات الرواية في العالم لم يقتصر تصويرها، ولم تقتصر دلالاتها على مكان كتابتها أو على الزمن التاريخي الذي تدخله فضاءها السردي، بل أبدعت الرواية عبر تاريخ كتابتها نماذج إنسانية متخيلة عامة تضم تحديدات بشرية في أوج تصاعدها وفي قمة إمكاناتها وتناقضاتها، نماذج إنسانية تنسحب على كل مكان وزمان، لأنها اشتغلت على هموم الإنسان وقضاياه وعلى المشتركات والقواسم المختلفة بين عموم الإنسانية.

حدود فاصلة

وفي ورقة بعنوان: الرواية العربية الارتقاء بالمحلية وأنْسَنَة العَالَمِية: قال الدكتور واسيني الأعرج “في عنوان الجلسة ثنائية تكاد تكون غير طبيعية. وهناك مفهوم يقارب العنوان وهو العالمية، فنحن إذن أمام ثلاثة مفاهيم وهي المحلية والمقصود بها أن الكاتب مرتبط بالأرض والمناخ والعطور وبمساحة معينة ومرتبط بتاريخ وثقافة وهذه الثقافة تلعب دورا حاسما في المنتج الروائي. لكن عندما ينتج نصا ما هي الحدود الفاصلة بين هذه المحلية التي ينتجها الكاتب وبين الأفق الآخر الذي هو الانسانية؟ إن مصطلح الانسانية هو أفق يبحث عنه الكاتب، فالانسانية ليست هي العالمية، بل هي هذه القيم المشتركة بين جميع البشر، والكاتب عندما يكتب فهو يكتب داخل هذه القيم (مثلا موقفه من الحرب، الطفولة، الحب، الكراهية..) هذه القيم هي التي تبرر وجود الانسان على الأرض بشكل إيجابي وليس بشكل سلبي، أما العالمية فهي أمر آخر، وطرح الأعرج سؤالا إشكاليا هو: من يصنع العالمية؟

وقال الأعرج إن القارىء العربي يمتلك جميع الأدوات التي تجعله يقرأ ويميز بين المنتج الأدبي العالمي، وعليه أن يطرح السؤال التالي: هل العربي أقل قيمة من الناحية العربية؟ وهل النص الذي فاز بجائزة نوبل هو من السمو الانساني ما يؤهله بالفوز بهذه الجائزة؟ سيكتشف حينئد أن قيمة العربي الثقافية لا تؤخذ بعين الاعتبار لأنه لم يعد فاعلا ثقافيا، بل هو مستهلك، وأكد أن ليس كل نص فائز بجائزة نوبل هو نص جيد.. وقال إن رواية دونكيشوت هي رواية انسانية لأنها اخترقت الزمن لأنها تناولت قيما انسانية موجودة الى يومنا هذا.

جدل أم تراتبية؟

وناقش الدكتور صالح هويدي موضوع “المحلي والإنساني: جدل أم تراتبية؟” من خلال بسط عدد من الأسئلة حول دلالة الصياغة الجديدة لهذه الثنائية ومتغيراتها، فضلا عن التساؤل عن دلالة صياغة الموضوعة في بنية العنوان: أيقصد بها الدلالة على الجمع بين المعطيين؟ أم وضع طرفيها إزاء بعض في صيغة تضاد، لاختيار أحدهما؟ أم المقصود بها منطق التسلسل التراتبي؟

وأشار الناقد إلى أن العنوان يضمر رغبة في وضع طرفي المعادلة في صيغة المقابلة والتضاد والتراتبية. وقدم مثال سعيد مهران في رواية “اللص والكلاب” لنجيب محفوظ، وعمر الحمزاوي في رواية “الشحاذ”، هل كانا تعبيرا عن الواقع المحلي أم هما تعبير عن أزمة كل منهما. وقال إن هناك كتابا استغرقتهم المحلية ولم يخرجوا منها وعدد منهم لم يستطع أن يقنعنا بمحليته.

وفي الجلسة الرابعة التي أدارها الدكتور خالد الجابر، تحدثت سعدية مفرح والدكتورة عائشة الدرمكي ورجاء الصانع عن واقع وتحولات الرواية الخليجية في السنوات الأخيرة، وعن مضامين النصوص السردية التي أصدرها أصوات نسائية في الخليج العربي، كما أجمعن على خصوصية الرواية الخليجية، وبروز أصوات نسائية جديدة في هذا المجال.

ثيمات المحلي والانساني

قال الدكتور صالح هويدي إن الحديث عن الرواية والإبداع عامة هو حديث عن الكيف وليس حديثا عن الأطر والأشكال: محلي وعالمي، أو محلي وإنساني، وطرح السؤال التالي: ماذا نقصد بالمحلي في الرواية؟ هل هو الأرض التي نألفها والفضاء الذي نعيش فيه؟ هل هو المجتمع وعلاقاته التي خبرناها، هل هم أناسنا الذين حفظنا ملامحهم وقسماتهم؟ هل هي مشاكلنا وهمومنا وإحباطاتنا؟ هل هي الشعارات والأيديولوجيات؟ وهل مجرد سرد هذه الثيمات المحلية يمكن أن يميز الرواية؟ ماذا نقصد بالإنساني؟ هل هو المشترك الانساني؟ أم هو التجريد الرمزي لما هو محلي؟.

جائزة نوبل

تطرق واسيني الأعرج في مداخلته إلى نظرية المؤامرة الثقافية وضرب في ذلك مثال جائزة نوبل، مؤكدا أن العرب لم يصلوا الى مستوى جائزة نوبل لأن القيم التي ينتجونها ثقافيا وأدبيا لم ترتق إلى المستوى الذي يؤهلها لكي تصبح عالمية.

عوالم الكتابة

أكد الدكتور عبد الملك أشهبون أن الكاتب العربي في سعيه الحثيث للخروج من سجن الكتابة المباشرة للسيرة الذاتية، من أجل معانقة عوالمَ كتابةٍ سيرة ذاتية أكثر تحررا وتمردا وشاعرية؛ عمد إلى الثورة على أبرز مقومات السيرة الذاتية المألوفة، من قبيل: “قول الحقيقة”، “الصدق”، و”الكتابة المطابقة للواقع”، فيما أفرزت رؤيته الجديدة تحققات سردية أغلبها يتأرجح بين الرواية والسيرة، مشيرا إلى أن الأعمال السردية التي اعتمدت “التخيل السير الذاتي” وظفت كل الوسائل الجمالية المتاحة إبداعياً لبلورة سيرة ذاتية منزاحة عن الكتابة المباشرة للسيرة الذاتية، وتمكنت، بالتالي، من ربح الرهانين معاً: رهان الإبداع أولا من خلال إنتاج نص سردي منزاح عما هو مألوف في السيرة الذاتية التقليدية، ثم رهان تمثيل الذات والتعبير عنها، بعيدا عن إكراهات الكتابة المباشرة للسيرة الذاتية.

المصدر: جريدة “الشرق” القطرية

التاريخ: 11 أكتوبر 2016