تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

خالد السيد المشرف العام على جائزة كتارا: لنا قناعتنا أن الثّقافة كفيلة برأب صدع السّياسة

خالد السيد المشرف العام على جائزة كتارا: لنا قناعتنا أن الثّقافة كفيلة برأب صدع السّياسة

لا يختلف اثنان أن جائزة كتارا للرواية العربية هي واحدة من أهم الجوائز الروائية في العالم العربي، ليس من حيث قيمتها المالية فقط، بل لقيمتها الأدبية وللباب الذي فتحته للتنافس بين النصوص المنشورة والنصوص غير المنشورة، وفرصة الترجمة والانتشار. التقينا بالأستاذ خالد عبد الرحيم السيد المشرف العام على جائزة كتارا للرواية العربية، سألناه عن الجائزة وعن حراكها في ظل الأزمة الخليجية الراهنة، وعن رهان المثقف والثقافة، فكان هذا الحوار:

المجلة الثقافية الجزائرية: دعني أسألك عن جائزة كتارا للرواية كيف بدأت فكرتها وما تقييمكم لأدائها إلى اليوم؟

خالد السيد: جائزة كتارا للرواية العربية هي موعد الرواية العربية السنوي، الذي ينتظره القراء وجمهور الأدب. هي جائزة سنوية أطلقتها المؤسسة العامة للحيّ الثقافي – كتارا في عام 2014، وتشرف عليها لجنة عينت لهذا الخصوص، وتبلغ الجائزة هذا العام دورتها الثّالثة. يمكن القول أن الجائزة تحقّق، من عام لآخر، الأهداف التي وُجدت من أجلها: في دعم حضور الروايات العربية المتميّزة عربياً وعالمياً، وكذا في تشجيع وتقدير الروائيين العرب المبدعين وفي توسيع حضورهم نحو آفاق أرحب للإبداع والتميز، مما يؤدي إلى رفع مستوى الاهتمام والإقبال على قراءة الرواية العربية وزيادة الوعي الثقافي والمعرفي.

المجلة الثقافية الجزائرية: ما يلفت الانتباه أن جائزة كتارا رغم امكانياتها الضخمة إلا أنها ربما لم تحظ اعلاميا بالمكانة التي ترون أنها تستحقها، لماذا؟

خالد السيد: بالعكس، نحن نلاحظ اهتماماً إعلامياً كبيراً بالجائزة، وإقبالاً عليها من الرّوائيين العرب، من الأسماء المكرّسة وكذا من الشّباب. مثلاً في الدّورة الأولى بلغ عدد المشاركات 711 مشاركة، وهذا العام، بلغ عدد المشاركات 1144 مشاركة، في الرّواية المنشورة وغير المنشورة، وروايات الفتيان وفي الدراسات النقدية، مما يدل أن الجائزة فرضت حضوراً مميزّاً لها في الأوساط الأدبية، وكان لها صدى إعلامي، في مختلف الدّول العربية، لأن الإعلام يلعب دوراً في توسيع قاعدة الاهتمام والمشاركات السّنوية في الجائزة.

المجلة الثقافية الجزائرية: ثمة من الأدباء الذين فازوا بالجائزة في طبعاتها الماضية يلومون أداءها إزاء عملية توزيع كتبهم وحتى آليات الترجمة، هل القيمة المالية للجائزة تغني عن آليات التوزيع مثلا؟

خالد السيد: جائزة كتارا للرّواية العربية تحرص على توزيع الكتب الفائزة، والتّرويج لها، وتوفيرها للقارئ وللمؤسسات الثّقافية والعلمية، في العالم العربي. الكتب الفائزة، والتي نشرت عن كتارا، سيجدها القارئ، في معارض الكتب، وفي نشاطات الكتب العربية المختلفة. بالنسبة للرّوايات الفائزة في صنف الرّوايات المنشورة، فأن توزيعها – كما هو معروف – من تخصّص دور النّشر التي صدرت عنها. بالنّسبة للتّرجمة، فإن التّرجمة للفرنسية تشرف عليها دار نشر معروفة في فرنسا، والحال نفسه في التّرجمة بالإنجليزية، والتّرجمات تعرف، من عام لآخر، توسعاً وتطوراً.

وقامت المؤسسة العامة للحي الثقافي ـ كتارا بتوزيع نسخ عن اصداراتها في المراكز والجامعات العربية.

وهناك خطة توزيعية لإصدارات عام 2017 مع مختلف دور النشر، والعمل جار على مشروع لتوزيع الإصدارات الكترونيا.

المجلة الثقافية الجزائرية: ما يلفت الانتباه هو الحضور الجزائري ضمن قائمة الفائزين، هل ترون أن كتارا قيّمت الأدب الجزائري أكثر مما فعلته جوائز مهمة كالبوكر مثلا؟

خالد السيد: الجزائر لها خصوصيتها الأدبية، والرّوائية التي لا ننكرها، كما لكل واحدة من الدّول العربية الأخرى أيضاً خصوصية. الجائزة تخضع لتحكيم صارم، ولقراءات من لجان تحكيم متعددّة، ونعطي كلّ نصّ مشارك حقّه كاملاً في القراءة وفي التّقييم. ونظن أن الأدب الجزائري قد فرض حضوره، في الوطن العربي وخارجه، بفضل جهود كتّاب هذا البلد الشّقيق، الذين يحظون بقراءة ومتابعة واهتمام من قراء ونقاد ومن مؤسسات أكاديمية.

المجلة الثقافية الجزائرية: دعني أسأل على أي أسس يتم اختيار الأعمال التي يتم ترشيحها للفوز بالجائزة في فرعيها المنشور وغير المنشور؟

خالد السيد: الرّوايات المرشّحة تمرّ على أربع لجان. لجنة الفرز أولاً ثم ثلاث لجان متخصّصة لاحقاً. كلّ لجنة تضمّ من خمسة إلى عشرة أعضاء يقرأون جميع الروايات في كل مرحلة. لجان التحكيم في جائزة كتارا للرواية العربية تضمّ أساتذة متعددي الاختصاصات من مثقفين وأكاديميين ونقاد وفنانين. وتعمل هذه اللجان على قراءة ودراسة وتقييم المشاركات الواردة بشفافية وسرية تامة، بحسب شروط وآليات الجائزة، خاصة أن أعضاء لجان التحكيم الأربعة يقومون بتقييم المشاركات دون معرفة أسماء المشاركين.

المجلة الثقافية الجزائرية: حسن، سأسألك الآن عن مدى تأثر جائزة كتارا بالأزمة الخليجية الراهنة، وبالتالي المقاطعة والحصار؟

خالد السيد: الثقافة ليست كوكباً تابعاً للسّياسة، بل قد يحصل أن تكون السّياسة تابعة للثّقافة. ونحن لنا قناعتنا أن الثّقافة كفيلة برأب صدع السّياسة، وهي الخيار الأنسب للتّقريب بين الشّعوب والأفراد وبين وجهات النّظر. الجائزة لم تتأثر بالأحداث السّياسية الأخيرة، بل على العكس، كان لجائزة كتارا للرواية العربية دور في تقريب وجهات النّظر بين المثقفين واستطاعت أن تنأى بنفسها عن المواضيع السياسية، فالثقافة هي دائماّ البيت الأوسع الذي يجمع الجميع تحت سقفه. ودعونا لا ننسى أن جائزة كتارا للرواية العربية هي جائزة عربية بإمتياز وذلك بدعم من وزراء الثقافة العرب والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ الألكسو.

المجلة الثقافية الجزائرية: لكن ثمة دول لديها عدد كبير من المشاركين في الطبعة الراهنة للجائزة من مصر مثلا، قطعت علاقاتها بدولة قطر، كيف تتعاملون مع حالة كهذه؟

خالد السيد: كما ذكرت سلفاً، الثّقافة ليست تابعاً للسّياسة بالضّرورة. المثقفون المصريون، على غرار مثقفين عرب آخرين، فهموا الأمر، وأثبتوا حسّهم العالي، وغيرتهم على ثقافة عربية جامعة، بالتّالي لم ينحازوا للخلافات السّياسية، وجعلوا من الثّقافة حصناً منيعاً ضدّ ما قد يؤثر بين العلاقات الأخوية بين العرب.

وحيث أن لجان التحكيم هي التي تختار الفائزين، بغض النظر عن جنسيتهم، حيث أنهم لا يعلمون أسماء وجنسية المشاركين، وهو دليل على شفافية آلية التحكيم، فإن لجنة جائزة كتارا للرواية العربية تصادق على قرار لجان التحكيم، كما حدث في الدورات السابقة، وكما ستشهد الدورة الحالية.

المجلة الثقافية الجزائرية: وهل ستظهر النتائج في موعدها؟

خالد السيد: نعم، جائزة كتارا للرواية العربية ملتزمة بالحفاظ على مواعيدها، وستعلن الجائزة في توقيتها المعروف، وهو 12 أكتوبر، وهو تاريخ ذو رمزية هامّة، لأنه يمثّل اليوم العالمي للرّواية العربية، الذي تم اعتماده من وزراء الثقافة العرب والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

المجلة الثقافية الجزائرية: هل تراهنون على الثقافة كوسيلة للتقارب مع الشعوب المتخاصمة؟

خالد السيد: بالطّبع، الثقافة هي سفينة المجتمع للعبور نحو ضفاف الأمان. هذا الأمر ليس ينبع من تجارب حديثة فقط، بل تاريخياً كانت الثّقافة، بشتى تنوعاتها وفروعها، هي الحاضنة التي تستوعب التّصدعات، وتخففّ من وطأتها، وتوحّد صفوف الأفراد، وتجمع بينهم.

المجلة الثقافية الجزائرية: لكن ما يثير الانتباه هو وقوف المثقف على الحياد تارة والتعصب تارة أخرى إزاء الأزمات الخطيرة كتلك التي حدثت في الخليج مثلا. لماذا في نظرك؟

خالد السيد: أظن أن غالبية المثقفين لم يسقطوا في لعب وفخاخ سياسية، تتغيّر مع تغيّر الزّمن. المثقف الواعي يدرك أن السّياسة متحوّلة وأن الثّقافة ثابتة، بالتّالي، فهو يدرك أن العقل والمنطق من شأنهما تحديد مسافة له من الأحداث الجارية، ودفاعه عن مبدأ وعن خياراته كمثقف يحيده عن السّقوط في انفعالات والتّسبب في آراء مدّة صلاحيتها لا تدوم طويلاً.

المجلة الثقافية الجزائرية: لعلي أقصد غياب المثقفين الخليجيين، وعجزهم عن خلق تيار موحد للوقوف في وجه المقاطعة والحصار، وانحيازهم إلى حكوماتهم كلّ في بلده على حساب المصلحة العامة، هل هو الخوف أم اللاوعي؟

خالد السيد: لا أظن من الصّواب الحديث بصيغة الجمع. قد يكون لبعض المثقفين حسابات، ولكن كثير من المثقفين، أدركوا واجبهم في المراحل العصيبة، واستطاعوا أن يلطفوا من حالات الاحتقان، وقدّموا آراءًا حكيمة في التّقريب بين وجهات النّظر. المثقف الخليجي يثبت، كلّ مرّة، وأمام كلّ أزمة خياره الثّابت في الدّفاع عن الثقافة والهوية العربية.

المجلة الثقافية الجزائرية: أريد أن أعود إلى كتارا، هذه المؤسسة الثقافية، كيف تقيمون أداءها في مختلف المجالات في السنوات القليلة الماضية؟

خالد السيد: كتارا هي واحدة من منارات الثّقافة، ليس فقط في الخليج العربي، بل في العالم العربي إجمالا، بحكم أنها تجمع تحت سقفها مثقفين من مختلف الدّول العربية، كما إن نشاطاتها تتوجّه لمتلقين من مختلف الدّول أيضاً. لقد راهنت كتارا على الانفتاح على المتلقي عربياً وعالمياً، وكيّفت نشاطاتها وسياساتها في خدمة الثّقافة والتراث والهوية العربية.

المجلة الثقافية الجزائرية: ولماذا عجزت كتارا عن تأسيس دار نشر خاصة بها لمنح فضاء جديد لعالم النشر العربي؟

خالد السيد: مؤسسة الحيّ الثقافي كتارا هي مؤسسة ثقافية، تُراهن على خدمة الثّقافة وإتاحتها للمتلقي العربي، وتلتزم بتوفير ما يحتاج إليه من منتجات ونشاطات ثقافية. هي لا تختصّ فقط في الكتاب، بل لها نشاطات مهمّة أخرى في الفنون التشكيلية والبصرية، وفي المسرح، وفي تخصصّات ثقافية أخرى. لكنها تعمل أيضاً على تشجيع النّشر، وليس بالضّرورة أن تؤسس دار نشر لها، لأن الغاية هي العمل بما يخدم الأدب العربي، وما يسمح له بالانتشار، عربياً وخارج النّطاق العربي، والتعاون مع دور النشر المختلفة لدعمها.

المصدر: المجلة الثقافية الجزائرية

التاريخ: 19 أكتوبر 2017