تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

انطلاق مهرجان كتارا الثاني للرواية العربية

انطلاق مهرجان كتارا الثاني للرواية العربية

تزينت “كتارا” صباح اليوم بحلة القلم وما يسطره من إبداع في مهرجانها الثاني للرواية العربية الذي انطلق صباح أمس ويستمر حتى 12 أكتوبر الجاري، في مشهد أشبه بالاحتفال الثقافي بالرواية العربية ومنجزها عبر سنوات تمتد الى ستينيات القرن الماضي.

افتتح المهرجان سعادة الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي، المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا بحضور كوكبة من الأدباء والنقاد والإعلاميين من داخل وخارج دولة قطر.

وفي كلمة ألقاها بالمناسبة رحب سعادة الدكتور خالد السليطي بالحضور، مؤكدا سعي المؤسسة الجاد والعمل الدؤوب لتبقى جائزة كتارا للرواية شعلة وهاجة في كل عام.. مشيرا إلى أن جائزة كتارا للرواية العربية على جدتها وحداثة سنها، أصبحت ملتقى مركزيا كبيراً، يشهد على ذلك الإقبال المطرد للمشاركينَ في الدورة الثانية؛ إذ فاق عدد المشاركات كل التوقعات، حيث بلغ 1004 في ثلاث فئات هي: الرواية غير المنشورة بـ 732 عملا والرواية المنشورة بـ 234 مشاركة وفئة الدراسات النقدية بـ 38 دراسة”، مؤكدا أن هذا الإقبال المتنامي يعكس جغرافية أدبية شاسعة على امتداد الوطن العربي.

وقال سعادته: “بما أن طبيعة النوع البشري ميالة إلى التغيير وعدم الجمود، فإن طبيعة النوع الأدبي، نزاعة إلى التجديد والتجدد، مشيرا إلى أن جائزة كتارا للرواية العربية أطلقت فئة جديدة وهي فئة روايات الفتيان غير المنشورة في الدورة الثالثة، وأنه سيتم تطوير هذه الجائزة وتعزيزها بإضافة فئات أخرى في المستقبل القريب.

وأشار مدير عام “كتارا” للحضور (ضيوف المهرجان) بأهمية دعمهم لمبادرة اليوم العالمي للرواية العربية، الذي تم الاتفاق حوله مع المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (ألكسو) من أجل إقراره في الثالث عشر من أكتوبر بعد التنسيق مع اليونسكو، مشيرا إلى أن الهدف من هذه المبادرة “التأكيد على المكانة العالية التي تبوأتها الرواية العربية، فحقَّ علينا التقدير وحقَّ لها التكريم”.

لوحة إبداعية

من جانبه أعرب خالد عبد الرحيم السيد، المشرف العام على جائزة كتارا للرواية العربية، عن تطلعه في أن يلقى هذا المهرجان صدى طيبا وتفاعلا واسعا في الساحة الثقافية العربية، لاسيما وأنه يتضمن العديد من الفعاليات والندوات والمعارض التي تحتفي بالرواية العربية، لتشكل لوحة إبداعية، لما يجب أن تكون عليه حال الرواية ومكانتها في وجدان كل عربي.

وقدم خالد السيد لمحة عامة عن برنامج مهرجان كتارا للرواية العربية الثاني، منوها أنه بالإضافة إلى إصدار كتارا لـ 25 رواية، فإنه تم إصدار رواية بعنوان “ألقاك بعد عشرين عاما” لشمة الكواري التي قررت المؤسسة العامة للحي الثقافي “كتارا” دعمها، إضافة إلى توقيع كتاب “الرواية القطرية: قراءة في الاتجاهات” للدكتور أحمد عبد الملك، ودراسة عن “الرواية العربية في القرن العشرين” (تأليف مشترك).

بعد ذلك قام سعادة الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي بتكريم للمشاركين الإثني عشر الذين شاركوا في برنامج الورش التدريبية لفن كتابة الرواية العربية للعام 2016، وهم: محمد حسين العنزي، وبنة علي صالح، وندى عبدالله الشهراني، وخديجة العربي، ولبابة أمير الهواري، ومايا مالك الأسطواني، ومحمد أحمد منهل، وريم محمد حسين، ومسعد عبدالكريم السعدي، وعائشة عمر الإدريسي، وداليا مصطفى حسين، وآمنة جعران.

فعاليات

وكان حفل الافتتاح شهد توقيع 28 إصدارا من الروايات والكتب التي صدرت عن جائزة كتارا للرواية العربية خلال العام الجاري، بحضور الروائيين الفائزين في الدورة الأولى في فئتي الرواية غير المنشورة والرواية المنشورة، ثم قام الحضور بجولة في معرض “رحلة إبداع” للأديب الراحل نجيب محفوظ والذي احتضنته القاعة رقم واحد بالمبنى 18 بكتارا. ويؤرخ المعرض لمسيرة هذه القامة الأدبية العربية منذ ولادته عام 1911 بحي الجمالية بالقاهرة، مرورا بالمحطات الكبرى في حياته إلى أن وافته المنية عام 2006، وهو العربي الوحيد الذي نال جائزة نوبل للآداب في الثالث عشر من أكتوبر عام 1988 ، بعد ترشيح من الدكتور عطية عامر.

كما تم افتتاح معرض “مقتنيات الأقلام”، ويضم أقلاما وتحفا قديمة في مجال الكتابة، بعضها كُتبته روايات شهيرة، علاوة على ما قاله كتاب وروائيون عن القلم أمثال: جرجي زيدان، ويوسف السباعي، وميخائيل نعيمة، ونجيب محفوظ، وواسيني الأعرج، وجبران خليل جبران، وأحلام مستغانمي، وأنيس منصور، وتوفيق الحكيم، ومحمد حسن علوان، وليلى العثمان، وغسان كنفاني، ويحيى خلف، وفضيلة الفاروق، وفوزية رشيد، ويحيى حقي، وياسر حارب، ومحمد شكري، وغادة السمان وغيرهم.. كما شهد المهرجان افتتاح معرض “رواية الفتيان” الذي يمثل إضافة نوعية أشاد بها الحضور.

جلستان نقاشيتان

في فترة الظهيرة تابع الحضور جلستين حواريتين الأولى حول كتاب الرواية العربية في القرن العشرين: التأسيس والتطوير والظهور والأنماط تأليف مشترك، أدارتها الدكتورة مريم جبر من الأردن. وشارك فيها كل من الدكتور سعيد يقطين من المغرب والدكتور محمد الشحات من مصر بينما تعذر الحضور على بقية الأساتذة المشاركين في تأليف الكتاب. بينما تناولت الجلسة الثانية كتاب “الرواية القطرية .. للدكتور أحمد عبد الملك.

وقالت جبر إن هذين الكتابين يأتي إصدارهما في إطار مشروع جائزة كتارا، هذا المشروع الرائد الذي يضع الرواية العربية على محك أسئلة الفن والواقع، ويلفت اهتمام النقاد والقراء على السواء إلى كل جديد في تطور هذا النوع الأدبي الذي يبدو الأكثر حضورا وحظوة.

وحول تجربته في تأليف الكتاب قال الدكتور محمد الشحات: كان لي شرف كبير أن أسهم ولو بقدر يسير في هذا الكتاب حين كلفت بالإسهام بالكتابة النقدية في هذا الكتاب وتحديدا في الفصل الخاص بالرواية في مصر والسودان في القرن العشرين. قلت في نفسي كم أنا في مازق كبير أن تتناول واحدة من أقدم الروايات في المنطقة العربية منذ البدايات وما يوازيها من حديث عن الرواية السودانية التي بدأت في الستينيات تقريبا حسب أغلب أقوال المؤرخين.

وقال إن الكتاب يمكن موضتعه بوصف كتابا تاريخيا نقديا لأنه معني برصد التحولات المفصلية في الرواية المصرية عبر مراحل مختلفة، وكان لابد من سؤال البدايات، لذلك كنت منشغلا بالمنهج: كيف يمكن أن أصوغ فصلا نقديا بهذا الحس البانورامي ولا يخلو هذا الحس من تناول ظواهر نقدية مهمة ومحورية ومفصلية بحيث لا يمكن أن تغفل ظاهرة ما مهمة. إنه لأمر شاق لكنه طموح. والكتاب هو إصدار أول من سلسلة إصدارات سيكون لها قدر من التنامي أفقيا ورأسيا في أغلب بلدان المنطقة العربية التي تنتج الرواية.

وأشار الشحات إلى ان التحقيق التاريخي تطلب تخليه عن وظيفته كناقد أدبي وثقافي. لذلك عنون فصوله كالتالي: الفصل الأول: بداية الرواية العربية في مصر: مراحل التطور، والفصل الثاني الرواد بين تجريبية الشكل وحداثة المضمون وتطرق فيه الى رواية زينب لمحمد حسين هيكل وبعض الظواهر قبلها، مرورا بالمازني وطه حسين وتحولات كثيرة. وقال الناقد إن هذه المرحلة تمتد من العشرينيات الى بداية الأربعينيات، مؤكدا أن نجيب محفوظ كان واحدا ممن أسسوا في المقام الأول لشكل روائي عربي يمكن أن يتم تفعيله لسنوات طويلة، وهو كاتب متحول في نظر الناقد حيث إنه لا يركن الى شكل بعينه. بعد ذلك مرحلة ما بعد الستينيات الى مطلع الألفية الجديدة، لافتا الى أن كتاب الثمانينيات وكتاب التسعينيات الذين أحدثوا تغيرا مختلفا وشريحة كبيرة منهم استطاعوا أن يقدموا رواية ذات شكل جمالي مختلف وهم ثقافي مختلف أيضا. ثم الفصل الخامس بعنوان نشأة الرواية في السودان ومراحل تطورها، وكان للطيب صالح أثره في الرواية السودانية، معرجا على الاشكالات التي طرحها في تحقيقه البانورامي.

بعد ذلك أحالت الدكتور مريم الكلمة للدكتور سعيد يقطين الذي اعتبر الكتاب إنجازا نوعيا، وسيكون له دور كبير في تطوير رؤيتنا الى الرواية العربية. وتحدث يقطين عن الرؤيات التي يولدها الكتاب وأول مفهوم هو التساؤل عن الرواية العربية، وطرح التساؤل التالي: هل هناك رواية مغربية، وتونسية وجزائرية.. الخ؟ هنا بدأ يتضح لي معنى آخر للرواية العربية والذي يمكن أن نعني به من خلال السيرورة التي قطعتها الراوية العربية منذ بدايتها الى الان أن نتحدث عن رواية لها ملامحها الخاصة والمميزة وأنها تجسد ما لا تجسده الجغرافيا الثقافية في الوطن العربي.

وعرج الدكتور يقطين على أسباب تأخر ظهور الرواية في دول المغرب العربي مقارنة بمصر، ومراحل تطور الرواية في المغرب تحديدا. وقال إن الأجيال الجديدة التي ظهرت في ما بعد الاستقلالات العربية وجدت الرواية المصرية قد تأصلت واكتملت، وبالتالي فإن كتاب الرواية في المغرب العربي هو جيل قارىء للرواية الكلاسيكية، ولكنه تكون في نطاق وعي يساري سواء على المستوى السياسي أو على المستوى الأدبي لذلك لن يستنسخ الرواية الرومانسية أو الكلاسيكية التي كتبت في مصر واندمج في موجات التجريب. وهذا السياق يسمح بالحديث عن رواية عربية لها ملامحها وخصوصيتها ومن بين ما تنتظره هذه الرواية هو توسيع هذا المشروع من خلال طرح أسئلة أخرى عن الرواية العربية.

المصدر: جريدة “الشرق” القطرية

التاريخ: 10 أكتوبر 2016