يسعى الناقد الجزائري عبد الحفيظ بن جلولي، في كتابه “مرايا البرزخ” الصادر حديثا، إلى تحليل طبيعة النص الروائي متحريا الخطوط الدقيقة الفاصلة بين الواقع والخيال في الرواية العربية، ليطرح مصطلحا جديدا، سمَّاه “البرزخ الروائي”.
وينظر بن جلولي في فصول كتابه إلى الرواية العربية باعتبارها ذاكرة منبثقة من المنطقة الفاصلة بين الواقع والخيال، ليرمم الموقف الإبداعي الفجوة الوجودية لدى الكاتب، لدى استعاراته من تجربة الواقع.
ويقول في كتابه إن ”الرواية العربية تدخل ضمن ميراث المحكي الإنساني، كغيرها من المحكيات السردية التي تنطق بلسان الواقع في تحولاته وصيروراته ومساراته“.
ويضيف: الذاكرة عندما تحتفظ بالوقائع، تضع لها لمسات خيالية بقدر توتر الذات في غلبة الحنين إليها (الوقائع). مسافة الحنين بالنسبة للمبدع هي الفضاء الذي يزكي الخيال ويربطه بعناصر الإنتاج.
واتبع الناقد في كتابه “المنهج التحليلي” ليطرح نماذج من الرواية العربية للدلالة على فكرته، محللا رواية ”قبور في الماء“ لمحمد زفزاف، التي تمثل الذاكرة الاجتماعية، ورواية “الانطباع الأخير” لمالك حداد، التي تمثل الذاكرة التاريخية.
ويرى بن جلولي في كتابه أن سياق الكتابة الروائية يتشكل ضمن مسلك اللغة الاستطلاعية الحكائية المدججة بحلم الفجيعة والخراب والكلام الذي يلد المعنى.
والرواية من وجهة نظره ليست طريقا سهلة بأعمدة إنارة واضحة، تصرح بشكل مباشر بالواقعي والخيالي، بل تحولهما إلى دلالات وعلامات تسكن الذاكرة، لتحثنا إلى إحياء مجاهل الطفولة، وتقودنا دلالات المفردات وأنساقها إلى الدخول في اللعبة الإبداعية والانخراط في المغامرة.
ويركز الكتاب على أهمية إبراز ما يختزنه العمل الروائي من عناصر ذات جدوى استمرت في التاريخ والوعي، وكرست بصمتها في أعمال روائية بعينها، أو تيارات في الكتابة الروائية؛ على غرار أعمال الراحل نجيب محفوظ، ويوسف القعيد، وجمال الغيطاني، وخيري شلبي.
وقال بن جلولي: منذ مدة وأنا أفكر في تأليف كتابي، إذ سبق وتطرقت للفكرة في مقالات نقدية عدة، فانطلقت في كتابته استنادا إلى تلك المقالات، لأتوسع في الموضوع بما يتواءم والرؤية العامة عنه.
وأضاف: “آمل أن يصل كتابي إلى جميع المستويات من القراء المهتمين بالأدب وتطوره في مجال الرواية، وأخص بالذكر الطلبة والباحثين الأكاديميين”.
كتاب “مرايا البرزخ؛ الرواية ذاكرة الما- بين” من إصدارات دار القدس العربي، الجزائر، نوفمبر 2020، وتقع في 142 صفحة من القطع المتوسط.
المصدر: موقع إرم نيوز
