تخطي التنقل

لقد تم فتح باب الترشح في مسابقة كتارا للرواية والفن التشكيلي.

“ليلة الإمبراطور”.. السخرية وسيلة لتعرية المستبد

“ليلة الإمبراطور”.. السخرية وسيلة لتعرية المستبد

صدرت رواية “ليلة الإمبراطور” للكاتب السوري غازي حسين العلي ، التي استعان فيها بالسخرية سبيلا لرصد الواقع ونقل بعض ما يعترك فيه من نقائض ومستجدات ، التي تختلط فيها الأحلام بالأوهام، لتنتج كوابيس واقعية وتدفع الناس إلى الغرق في وساوسهم وهواجسهم، بحيث تكون الأمور مقلوبة، والمعايير غريبة تبعث على الاستهزاء والأسى في الوقت نفسه.
ويستغل الكاتب في روايته -منشورات ضفاف ببيروت، الاختلاف بالجزائر، الأمان بالرباط 2014- وجود مهمة قتل الكلاب في البلديات في سوريا ليلصقها ببطله، ويسبر من خلاله بؤر العنف والعدوانية لدى السلطة في معالجتها للأمور، إذ عادة ما كان يتم تكليف شرطي في البلدية أو أحد الموظفين الفنيين بالقيام بها، خاصة حين تتزايد الشكاوى من المواطنين بكثرة الكلاب الضالة الهائمة في المناطق السكنية، وتكون الوسيلة المقترحة والمتبعة عادة هي قتل الكلاب وحرقها.
يلتقط غازي العلي بذور العنف الكامنة لدى السلطة وبعض الناس، العنف الذي كان يمارس بذرائع شتى، وبحجج واهية أثبتت المستجدات التالية التي أفرزتها الثورة وما أعقبها من عنف وحشي من النظام تدميرها لبنية المجتمع، وكشفت عن الوجوه الحقيقية بعد أن نزعت أقنعة الزيف والتحايل.
ويبرز الكاتب جوانب من “التشبيح” الجاري، ومن باب الترميز والإسقاط والمداورة، فالواهم “سعيد”، المنحوس حقيقة، يشعر في أحلامه أنه إمبراطور ويقضي ليالي ساحرة في حضن فاتنته التي يتخيل أنها تشبه الممثلة “سعاد حسني”، ويتمادى في تخيلاته المبهجة تلك التي تنغص عليه حياته لأنه لا يفلح في تحقيقها ولا مقاربتها.
يوظف العلي عناوين بعض الكتب، سواء تلك التاريخية أو المترجمة في أحلام بطله، رابطا بينها وبين الممارسات الجارية على أرض الواقع، من تلك الكتب “البغاء عبر العصور”، “حياة ما بعد الموت”، “ألف ليلة وليلة”، “تفسير الأحلام” لابن سيرين، “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد” لعبد الرحمن الكواكبي، بالإضافة إلى عناوين أخرى تورد موحية بمراميز ودلالات وتأويلات.
كما يستهل العلي فصوله (16 فصلا) بجناسات ومقابلات لفظية ، وتراه يحرص على السجع وإيراد الكلمات ذات الجرس الموسيقي القريب أو ذات الروي المشترك وكأنه بصدد كتابة مقاطع من مقامات مفترضة، أو إنشاء قصة للحكواتي كي يحكيها في مجالسه من باب تسلية المستمعين عبر جذب انتباههم بنهايات الجمل المتشابهة.


أضف تعليق