تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

«عبده خال» يناقش تقديس الوهم عند الإنسان في روايته «أنفس»

«عبده خال» يناقش تقديس الوهم عند الإنسان في روايته «أنفس»

يطرح الكاتب السعودي ”عبده خال“ رؤية معمقة لطبيعة خلق وتشكيل الإنسان، واختلاط طينه بالقداسة، في رواية ”أنفس“ الصادرة عن دار الساقي للنشر والتوزيع 2019.

وتناقش أحداث الرواية الخرافة وأثرها على حياة الإنسان، فتكون ولادة ”وحيد“ غير التقليدية سببًا في جعله محط أنظار الناس من حوله، ومثار توقعاتهم، بأنه شخص يمتلك صفات الصالحين، ويستحق أن ينال القداسة. فيولد وحيد على شكل مضغة غير مكتملة بعد أن عجز رحم أمه عن حمله، ليكمل الشهور التسعة.

وبينما ظن الجميع بأن ”وحي…د“ قد مات ودفن، وتصر جدته صفية على أنه ولد ليكون نقطة تحول في حياة الناس، وينمو ”وحي..د“ بين القطن، وتعمد جدته، وقدّار أبه الروحي إلى إخفائه؛ خوفًا من عيون الشياطين، وصانعي السحر. وحين يكبر ”وحي..د“ ينمو معه وهم من حوله، ووهمه هو أيضًا، بأنه هو الإمام المهدي المنتظر في دين الإسلام، ويدفعه الوهم أن يشكل مجموعات إرهابية، ظانًّا بأنه يؤدي مهمة خاصة في الكون. لكن عقلية وحيد المليئة بالتناقضات، باحتوائه على تسع أنفس، جعلت منه شخصية متقلبة، بين شهوته، ونقائه الروحي.

ويدمج ”عبده خال“ وبأسلوبه الخاص لغة تميل إلى الشاعرية أكثر منها إلى النثر، وقد ظهر ذلك في مقدمة أحداث الرواية، وهو سلاح ذو حدين، فلغة النثر من المفضل لها أن تكون بسيطة، غير قائمة على تكثيف واختيارية لغة الشعر الضيقة المسافات. ففي النثر مساحة واسعة من البوح، واسترسال في اللغة، بحيث لا يقف القارئ عند مطبات لغوية متعددة، تفقده جمالية السرد، وملاحقته للحدث.

ولم تأتِ قيمة عمل عبده خال من غرابة قصته، ولا من أسطورية شخصياته قط، إنما من إسقاطاته المعرفية التي عمقت من سرده، وزادت من قيمة روايته. كما أن الكاتب السعودي العريق يكتب في منطقة وجودية، تفند أسرار التخليق الإنساني، وهي مساحة تقرب الفرد من نقطة الصفر الوجودي، وتصنع الشغف المطلوب لاكتشاف الأسرار.

وفي رحلة معرفته، يكشف الروائي السعودي عن تفسير استمرار الكون، من خلال إعادة تدوير المخلوقات، ويرى أنه حتى جسد الإنسان يعاد تخليقه بعد التحلل، ليصنع ترابًا، تثمر فيه كل الموجودات من جديد، فيقول:“الخلايا البشرية تُفرز، وتتآكل وتُقبر في الطاحونة العظيمة الكبد، وما هذا إلا لعبة لكي تختفي وتواري جسدًا جليلًا تحت الثرى، وبعد زمن يتم تخميره،  ليعود الثرى خلقًا جديدًا“، ويؤكد خصوبة التراب بقوله:“ الثرى مادة منوية قابلة للتدوير، فكل تراب يحمل خصوبة الإنجاب“.

المصدر: موقع إرم نيوز


أضف تعليق