قالت الكاتبة والأديبة المصرية ضحى عاصي أنها جعلت من قضايا الإنسانية هدفها الأساسي بلغة جمعت بين العمق والبساطة بعيدا عن التعقيدات والحشو الزائد، فكانت نافذة الروس للاطلاع على الأدب العربي المعاصر، وفيما يلي التفاصيل:
وأضافت: كل نص أدبي يستدعى قضاياه الخاصة به وبشخصياته، وأحداث الرواية تدور في نهاية القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر، وفي ظل وجود الحملة الفرنسية على مصر وأوج الثورة الفرنسية في أوروبا، كانت الأسئلة المطروحة في ذلك الوقت هي قضايا الحريات وإعادة تشكيل المجتمعات على أسس مختلفة غير الأسس التقليدية المتعارف عليها آنذاك، لذا طرحت الرواية أسئلة عدة، منها، على أي أساس تبنى حقوق الإنسان، إضافة إلى أسئلة أخرى عن الحرية، الهوية، وحقوق الأقليات في مجتمعاتهم.
وتابعت: ربما لم يكن الجزء التاريخي هو أصعب جزء بالنسبة لي، لأن المراجع عن هذه الفترة متوفرة وبكثرة، بل كانت صعوبة الرواية الكبرى بالنسبة لي تكمن في أن معظم شخصيات الرواية كانوا من المسيحيين، كنت أخشى أن أقع في الفخ برسم الشخصيات بصورة نمطية معتادة، مما جعلني أحصل على دبلومة في التراث العربي المسيحي وأدرس “اللاهوت” بشكل مبدئي لأستطيع الفهم النفسي للشخصيات، وأتمنى أن أكون قد وفقت.
وعن سبب اختيارها لشخصية المعلم يعقوب المثيرة للجدل لتنطلق منها أحداث الرواية تقول الروائية المصرية: ظلت شخصيته مثيرة للجدل على مدى ما يزيد عن مئة عام؛ فكيف لا تكون مثيرة لخيال الروائي، كما أنها مفتتح رائع للربط بين عالمين مهمين وحدثين مهمين بمصر وفرنسا، “الحملة الفرنسية على مصر والثورة الفرنسية”، أن نموذج “يعقوب” ومن خرجوا معه يطرح أسئلة ضرورية في فهم هذه الفترة في تاريخ مصر والفترة التي تلتها، وصولاً إلى حكم محمد علي باشا، أسئلة حول الاستقلال، الهوية ،والمواطنة بعيدًا عن حصر القضية في شخص المعلم يعقوب.
وتقول: لا أعتقد أن الرواية تطرح من منظور وجود صدام حضاري بين الشرق والغرب؛ بل على النقيض من ذلك أرى أن العلاقة هنا بين الشرق والغرب هي علاقة أشبه ما تكون بروح الثورة الفرنسية؛ علاقة يقف فيها الجميع على قدم المساواة فرنسيين أو مصريين بآمالهم، طموحاتهم، ارتباكهم، بل وخيباتهم، في خضم تغيير كبير في اتجاه منظومة إنسانية تقوم على أساس الحرية، الإخاء، والمساواة، التي من خلالها تُجسد المعنى الحقيقي للوطن.
وترى عاصي أن شخصيات الرواية كانت تمر بمنعطف تاريخي يعيد قراءة الإنسان واحتياجاته، مما يحض الإنسان على إعادة قراءة نفسه.
المصدر: صحيفة السياسة الكويتية
