تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

رواية «عنكبوت في القلب».. شاعر وحيد في مواجهة العالم

رواية «عنكبوت في القلب».. شاعر وحيد في مواجهة العالم

يعرف القراء والنقاد على السواء أن العمل الأدبي المتقن والجيد هو الذي يفرض على قارئه طريقة التعامل معه، هو الذي يضع حدوده ويرسم خيوطه وكيفية تلقيه، من هنا لا يمكننا التعامل مع رواية الشاعر محمد أبو زيد «عنكبوت في القلب» الصادرة، مؤخرًا، بعد عدد من التجارب الشعرية المهمة دون العودة إلى تلك الدواوين وعالمها، لا سيما وأن الكاتب يدفعنا إلى تلك العودة وهذا الاستحضار للشعر وخصوصية عالمه، ليس فقط من خلال وضع ما سماه «مراجع» الرواية وفيها كل كتبه، ولكن أيضًا من خلال شخصية روايته الرئيسية، والتي لا شك سيذكرها كل من قرأ دواوينه وهي «ميرفت عبد العزيز» وكذلك تلك المقاطع التي يفتتح بها بعض فصول الرواية من دواوينه أيضًا.

رغم ذلك وبلا شك فإن تلقي الرواية وقراءتها كعمل مستقل، وبناء خاص له حدوده وشخصياته وضوابطه، سيكون ممكنًا ويسيرًا على من لم يتعرّف من قبل على عالم محمد أبو زيد الشعري، وما يطرحه فيه من قضايا ومشكلات، فالرواية في النهاية عمل أدبي خالص، بل لعل ما فعله الكاتب هنا يذكرنا مباشرةً بحديث النقاد والدارسين لفن الرواية حول قدرتها على احتواء الفنون الأدبية جميعًا، وأن ذلك سبب أساسي من أسباب انتشارها بل وهيمنتها على فنون الكتابة الأخرى.

ولا شك أن تجربة مثل رواية «عنكبوت في القلب» يمكنها أن تبرز كبرهانٍ قويّ على ذلك، بل إن كاتبها يصرّح بالفعل في بعض حواراته الصحفيّة أنه يختتم بها ما بدأه من قبل في عددٍ من دواوينه الشعرية، سواء على مستوى العالم ومحاولات مواجهته والتعامل معه أو حتى فيما يتعلق بالبطلة المركزية «ميرفت عبد العزيز» التي يُفسح المجال لها هنا ربما لأول مرة، ويتركها لتعبّر عن نفسها أكثر، وليتعرّف القارئ عليها ويقترب من عالمها تمامًا.

يقسّم محمد أبو زيد روايته إلى أربعة فصول أساسية، يسبق الفصل الأول منها ثلاثة مقاطع قصيرة بمثابة التقديم لعالم الرواية، وذلك من خلال شخصيات هامشية، سترافق البطل في رحلته التي تجمع بين الواقعية والفانتازيا في الوقت نفسه، تلك الشخصيات تم استحضارها من التراث العربي بشكلٍ ما، ولكن تمت إعادة تركيبها وصياغتها بما يناسب عالم الرواية، فهناك ببغباء يسمى «تأبط شرًا» على اسم الشاعر الجاهلي الصعلوك، وهناك «المملوك» الذي فر قدرًا من مذبحة المماليك، وهناك «علاء الدين» ومصباحه ولكنهم يحضران بشكلٍ مفارق للمألوف.

يأتي بعد ذلك الفصل الأول «فتى» الذي يتحدث عن بطل الرواية (بيبو) ثم الفصل الثاني «فتاة» حول البطلة ميرفت عبد العزيز وعالمها والفصل الثالث «المؤلف» الذي يحدث فيه ذلك التماهي بين الكاتب وشخصية المؤلف الذي يحمل اسمه والفصل الرابع والأخير «سيارة»، وسيلاحظ القارئ على الفور أن ثمة علاقة حب ملتبسة ستربط الفتى «بيبو» والفتاة «ميرفت» ولكن الكاتب اختار أن يقدّم كل منهما في فصلٍ مستقل، كنوع من حضور تعدد الأصوات في الرواية، وسنجد أنه ثمة تقاطعات في الحكاية بين الفصلين، وتشابهًا في العالم الغرائبي والوحدة التي تسيطر على الشخصيتين بشكلٍ واضح.

المصدر: موقع إضاءات


أضف تعليق