تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

“القلب الخشبي”.. أسئلة الحب والحياة في السودان

“القلب الخشبي”.. أسئلة الحب والحياة في السودان

مغامرة سردية جديدة يطلقها الروائي عبد الغني كرم الله صاحب رواية “آلام ظهر حادة” التي كان بطلها حذاء، حيث تتجدد أسئلة الراوي بسردية “القلب الخشبي.. دولاب أمي” في محاولة لاسترجاع الماضي البعيد على لسان طفل وحركة حمار وصبر أم وحنين دولاب لبيته الأثير.
بين البيت والسوق يستظل كرم الله تحت ظلال واقعية سحرية تستنطق دولابا خشبيا وتتأسى لحمار عاشق ولهان باغت الابن والأم وصاحب “الكارو” (العربة التي يجرها الحمار) وذهب إلى محبوبته الحمارة التي أحبها من النظرة الأولى وهو يجر الدولاب إلى السوق لبيعه من قبل الأسرة لظروف قاهرة، وهي دفع رسوم تعليم السارد.

صدرت الرواية عن دار المصورات هذا الشهر في تقليد ثقافي غاب زمنا طويلا تعتبر الأصغر حجما في تاريخ نشر الرواية السودانية داخليا وخارجيا، وترسم للسيرة آفاقا جديدة بالعودة إلى أزمنة الطفولة بسرد رشيد بالغ أرسل إشاراته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من خلال دولاب يمثل عالما وحلما وشراكة بين أسرة عاش هذا الدولاب في بيتها عشرات السنين.. “كان الرف الأخير بمثابة السماء السابعة، لم أكن أصل إليه إلا بشق الأنفس، رف المهمات الصعبة، أمي وضعت فيه نظارة أبي وجواز السفر الذي استعمل مرة واحدة لزيارة قبر النبي بالمدينة المنورة”.

يلعب السارد بحوافر الحمار، مسترجعا في حميمية صورة الأم الحنونة التي تبيع أغلى ما تملك (دولابها) من أجل تعليمه، ومع حركة سكون السوق تنهض في داخل الراوي طفولته وحب استطلاعه وهو يتعرف لأول مرة إلى سيرورة جديدة تتمثل في فقدان الدولاب الذي يحوي ملابسه وخبائز أمه وأسرار وأوراق الجد الكبير، وتلك الصور والرسومات التي نعتها من أراد شراء الدولاب بالخربشات ورفض الطفل الصغير ذلك “كم غضبت منه وزممت شفتي، إنها رسوماتي، من جهل العزيز لا يعزه، رسمت على الضفة دائرة هي الشمس وخط تحتها هو الأفق”.

ويجد الراوي نفسه أمام ثلاثة موانع تحول بينه وبين عودة دولابه إلى البيت: مصاريف الدراسة، الخوف من شماتة الناس وهم يرون الدولاب يعود بعد أن خرج من الديار سرا وأجرة صاحب “الكارو”.

ويقول الروائي عبد الغني كرم الله للجزيرة نت إن سيرة الدولاب هي سيرة الوقائع الشعبية بتفاصيلها الصغيرة، وهذا الدولاب الروائي رمز لفترة طويلة تتبعت الوقائع ورسمتها، حتى أن هذا الدولاب رفض الخروج من الباب.. وحين عاد دخل الغرفة برشاقة وخفة.

وأضاف كرم الله أن أعظم دولاب هو قلب الإنسان، ففي رفوفه تجارب وعواطف مرتبة ونظيفة حبذا لو نرتديها كل يوم لحمايتنا من غبار الملابس البالية والقيم القديمة.


أضف تعليق