تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

«التابوت».. القصص التاريخي في رواية سياسية معاصرة

«التابوت».. القصص التاريخي في رواية سياسية معاصرة

التابوت عنوان مستوحى من التراث القديم، يستخدمه الكاتب عمرو أنور كنافذة للتسلل إلى الأزمنة المختلفة، التي يفتش فيها عن المتشابهات والروابط، بين ما كان وما يكون بمستويات تاريخية، تجعل الزمن مقياساً خاصاً للأحداث والوقائع، وبانتقال سلس بين الماضي والحاضر، يأخذنا إلى موضوع الرواية، فنعايش الأجواء، ونُدرك أبعاد الحكايات التي كان أنور قد أشار إليها في الجزء الأول، المعنون بـ «قلعة النسيان»، مُستعرضاً تفاصيل القصة الرومانسية التي ربطت بين البطل المتحرق شوقا، والبطلة التي دخلت أغوار القلعة الحصينة، فلم يظهر لها أثر، بيد أن الفارس المُحب لم يكل من البحث عنها ولم يُسلم بفقدانها.

وعلى المنوال نفسه تتطور الأحداث، وتتشعب المواقف في رواية «التابوت»، تلك التي يميل فيها الكاتب إلى القصص التاريخي، محاولاً التوصل إلى صيغة أدبية ملائمة تربط بين دلالات التاريخ، بوصفها واقع الأمس، والحياة الراهنة، كونها امتداداً طبيعياً لعوالم تتشكل معطياتها من الحوادث والشخصيات والأجناس والمفارقات والأزمنة، وكلها تندرج تحت عنوان الحضارات، فآيات الحكم والعدل والجمال، والحب والبغض، والصراعات والحروب والهزائم والانتصارات، ما هي إلا مسوغات للصيرورة، تتغير بتغير الحقب والأزمنة والنتائج الدالة على الوجود والفعل.

يستخدم عمرو أنور في بنائه الروائي البيئات التاريخية في عصور مختلفة، كغطاء جغرافي يدل على قدم الأحداث الدائر أغلبها في القصور، كما أنه يُصنف الشخصيات كملوك وأمراء وأميرات، ووصيفات وخدم وحشم ورعايا، ليُعطي تصوراً مسرحياً عن الخلفيات المجتمعية والعائلات المنحدرة من أصول ملكية ضاربه بجذورها في عمق التاريخ المتصل المنفصل، رغم التغير الطارئ في الأشكال والمواصفات والصور العارضة للحياة الاجتماعية بقوانينها وأسسها، وهو بذلك يحاول مد الخط على استقامته ليصل بالقارئ إلى واقعه الراهن، فيكتشف أن شيئاً ما لم يتغير على مرّ الزمان، فالحاكم هو الحاكم، والمحكوم هو المحكوم، وما تعانيه الأمم الآن هو محض صور من الماضي، فليس ثمة صراع على السُلطة والعرش يختلف عن سابقه من صراعات الملوك والملكات والكهنة وكافة أجنحة الحكم، عبر أزمنة التأسيس الأولى لشكل الدولة في كل العصور.

المصدر: صحيفة القدس العربي


أضف تعليق