تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

هشاشة”.. سرد قصصي ضد الغربة والعدم

هشاشة”.. سرد قصصي ضد الغربة والعدم

بعد “أسرار الريح” و”أرشيف الأعمى” و”حكايات شهرزاد الكورية”، تعرج الكاتبة التونسية المقيمة في دبي والمتعددة الاهتمامات إيناس العباسي على جنس القصة بإصدارها مجموعة “هشاشة” عن دار الفارابي ببيروت، بعدما جربت كتابة الشعر والرحلة.
لكن روح الشعر تظل حاضرة في محكيها الرحلي والقصصي، سواء عبر اللغة المتدفقة أو عبر التوصيف التصويري الباذخ بالاستعارة والغور العميق في تفاصيل الذات والعالم، مبينة أثر التحولات التي يعكسها المحكي وما توقظه في النفس من مشاعر، سواء بالنسبة للراوي أو لباقي الشخصيات التي تؤثث فضاء القصص.
تتشكل مجموعة “هشاشة” من عشر قصص: حين رأيت جثتها، وزوج أقراط، وأونلاين، وذاكرة الملح، وطائر النحس، وأشياء أخرى، والأريكة، وقصة حب، وأريد كلية، وحرب ونسخة أصلية. وتتوزع على مائة صفحة واثنتين.
اختارت الكاتبة إيناس العباسي شخصياتها من الواقع العربي المعاصر بكل ما يحمله من حقائق وأوهام، وبكل الخسارات التي تعترض سبيل تحقيقها للطمأنينة والأحلام المؤجلة، فتأسست القصص على توصيف هذه الشخوص فيزيولوجيا وسيكولوجيا. وترسم مكابداتها وهي تحارب من أجل إثبات ذاتها، ومقاومة كل أنواع الشقاء التي كتبت عليها.
ولعل أهم مشكل يؤرق الشخصيات في هذه المجموعة هو الغربة والبعد عن الوطن الذي تشكلت فيه الهوية والذاكرة والطفولة، وعبره تجسدت قسمات الانتماء، مرورا بشقاوة اليتم والبطالة والوحدة والاغتصاب والنحس والخسران والخيانة والضياع والموت، ووصولا إلى مرحلة الرغبة في تصفية الذات.
و تنزاح الكتابة القصصية في هذه المجموعة رغم إخلاصها لمقومات القصة القصيرة عن الأسلوب اللغوي المباشر، فإيناس العباسي القاصة لم تستطع أن تتخلص من انفلاتات العودة إلى الجنس الأدبي الأم الذي بدأت به مشوارها في الكتابة والنشر، وهو الشعر.
لذلك كانت اللغة السردية متوجة بحنين إلى المجازات المتبّلة بنفس حكائي يتمدد اعتمادا على الوقفات الوصفية للأمكنة والأزمنة والشخصيات، واستنادا إلى توسيع الزمن النفسي الذي يهيمن مقارنة مع الزمن الحكائي.


أضف تعليق