تخطي التنقل

لقد تم فتح باب الترشح في مسابقة كتارا للرواية والفن التشكيلي.

«مزاج حر» لمحمد الفخراني.. رحلة روائية لا تنتهي

«مزاج حر» لمحمد الفخراني.. رحلة روائية لا تنتهي

«قلبي بأمان.. ما دام بالعالم حكايات».. تشكل هذه الجملة على لسان شهرزاد، مع الجملة الافتتاحية «أرقص مع دهشتي، شغفي وأحلامي»، أحد المفاتيح الأساسية لعوالم رواية «مزاج حر»، للكاتب محمد الفخراني، الصادرة حديثاً عن «الدار المصرية اللبنانية». فالشغف والدهشة والحلم بمثابة رحم، تتوالد وتتناسج فيه مناورات السرد، عبر رؤية مسكونة بسؤال الأبدية والخلود، تلامسه الذات الساردة دائماً بقوة الترحال في الحلم والزمن، وإمكانية التقاء الماضي والمستقبل في نقطة «الآن» الحاسمة الجوهرية.

تقف الرواية على تخوم أنواع أدبية شتي، ففيها نفسٌ من أدب الرحلة، ونفس من أدب الفانتازيا وشطح الخيال، كما أنها مغمورة بروح الخرافة والحكايات العجائبية، وبها أيضاً روح روايات الأفكار البناءة أو الكبرى، ولا أقصد بها هنا أسئلة الوجود التقليدية، إنما أساساً أسئلة الأشياء. ففي هذه الرواية، الشجرة تتكلم، الماء يتكلم، الهواء يتكلم، الأسماك تتكلم، عربة البائع المتجول تتكلم، الشوارع هي الأخرى تتكلم، تعرف بعضها بعضاً، وتختار من بين أسماء من يمرون بها اسماً سرياً يعبر عنها، بعيداً عن اسمها الرسمي، بل هناك الرجل الشارع، كما أن الكاتب السارد نفسه كثيراً ما يكتسب صفاته من طبيعة علاقته بالأشياء وصبغتها البشرية التي اكتسبتها من تفاعلاتها بالنص، ومن بينها: الكائن الشجري والبحري، والطائر، والشوارعي أيضاً.

يحتفظ الكاتب بمسافة ما بينه وبين كل هذا المزيج، مسافةٍ مرنةٍ ومغويةٍ، تتيح له حيوية الذهاب والإياب، وأخذ ما يخصه بأناقة مخيلة ورشاقة أسلوب، واعتصاره أحياناً، بالقدر الذي يخدم نسيجه الروائي، وفي فضاء لغة تشكل بخفتها وثقلها محور إيقاع ضابطٍ لكل مقومات السرد، فلا ترهل، ولا زوائد تتناثر هنا وهناك، بل لا صراع، سوى الإنسان نفسه، مع أحلامه وذاكرته، ورغبته الدائمة في الشغف والترحال والحلم والدهشة والتساؤل والضحك والحب والإحساس بالجمال.

أشياء كثيرة لا تخطر على البال يفاجئك بها الكاتب في هذه الرواية، حتى تتخيل أحياناً أن للسرد أجنحة، وأنه يمكن أن يطير ويحلق في رحلة لا تنتهي في الزمان والمكان، قادرة على أن تجدد نفسها من بلد لآخر ومن زمن لآخر، ما يجعل التحليق فكرة أساسية في طوايا السرد، مجسدة شكلاً آخر من أشكال صراع الإنسان مع جسمه، ورغبته في الطيران والتخلص من كوابح الجاذبية الأرضية


أضف تعليق