تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

محمد حياوي: عشت مأساة الحرب والخوف في سوريا فكتبت «سيرة الفراشة»

محمد حياوي: عشت مأساة الحرب والخوف في سوريا فكتبت «سيرة الفراشة»

قال الكاتب العراقي محمد حياوي، إن تجربة روايته الجديدة “سيرة الفراشة” الصادرة حديثًا له، فيها اختلاف نسبي عن النهج الذي اعتمده في روايتيه السابقتين “خان الشّابندر” و”بيت السودان”، لجهة الابتعاد قليلًا عن الموضوعة العراقية المغرقة في المحلية والمعالجة القائمة على استلهام المتغيرات والهّزات العميقة التي حصلت للمجتمع العراقي.

وأضاف حياوي، “فقد قُدر لي أن أعيش تجربة مضنية مليئة بالقلق والخوف والجفول في مدينة حلب المدمرة الخالية من أهلها ولم يسكنها سوى الأشباح، وذلك ضمن مهمة صحفية شاقّة لمصلحة التليفزيون الهولندي”.

واعتبر الكاتب العراقي أن تلك الرحلة التي لم تستغرق سوى عشرة أيّام، غيرّت نظرته لضحايا الحرب من المدن تحديدًا، وفي الشقة شبه المدمرة التي كان يقطنها عاش حياة متقشفة للغاية، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا طعام بالمعنى الحقيقي. فكان الخوف والظلام يخيمان على المدينة، وبين نوبات القصف، يخطف طائر مذعور من هنا أو قطة مرعوبة من هناك. وفي خضم وحدته تلك راح يراقب سيِّدة في الشقة المقابلة، كانت تظهر في فترات محددة وسط الستائر المهومة في الريح، أحيانًا تحتسي قهوتها في الشرفة وأحيانًا تدخن بهدوء لا يتناسب وواقع المدينة الموحش.

وأضاف “وفي أيام أخرى كانت ترمي أشياء لم أستطع تبيان ماهيتها من مكاني، لكلب مشرد في الشارع ليأكلها، وفي لحظات خاطفة تخيّلت تلك الأشياء الصغيرة التي ترميها ما هي سوى عصافير ميتة، عصافير رمادية صغيرة جدًّا اختارت شرفتها لسبب لا أعرفه، لتموت فيها”.

لقد ألهمتني – كما يضيف حياوي – تلك المرأة الشابّة الغامضة التي لم أستطع أن التقيها للأسف، بعد أن اختفت بشكل مفاجئ، ألهمتني فكرة روايتي “سيرة الفراشة”، فقد كانت ثمّة فراشة صغيرة صفراء تظهر بين الحين والآخر وتحلق في فضاء الشارع الفاصل بين شقّتينا، لكنّها اختفت مع اختفاء تلك المرأة، فكان علي تكملة سيرتها الموجعة في سديم من الخيال، حيث تسافر تلك المرأة ـ الفراشة بعيدًا عبر البلدان والمفازات والحروب وغياهب التهريب، وصولًا إلى هولندا، بحثًا عن حبيبها أو زوجها الغائب، ثم تعود خائبة إلى حلب المدمرة وشقتها الموحشة وسط الأشباح وتهويماتها والعصافير الميتة وغموضها، لتنتظر عبدالله، وعبد الله هذا هو الأمل بالنسبة للمرأة العربية التي تمتلك الوعي.

المصدر: صحيفة الأهرام

 


أضف تعليق