تخطي التنقل

لقد تم فتح باب الترشح في مسابقة كتارا للرواية والفن التشكيلي.

«قبل ضياع الجنة».. رواية تاريخية تبحث عن أسباب النكسات العربية

«قبل ضياع الجنة».. رواية تاريخية تبحث عن أسباب النكسات العربية

تتناول رواية قبل ضياع الجنة، للكاتب صادق عبد القادر الصادرة مؤخرا عن دار ناشرون وموزعون في عمّان، الصراع العربي الصهيوني كصراع ثقافي في أحد وجوهه، لذلك عمد الكاتب إلى استعادة التاريخ والكتابة عنه، في محاولة لإثبات الحق والوقوف على ظروف وأسباب نكساتنا وهزائمنا المتتالية.

تتكون الرواية من جزأين، وتقع في حوالي (1400) صفحة، وهي رواية تاريخية اجتماعية استندت إلى تاريخ حقيقي فنهلت منه، وصيغت أحداثها وشخصياتها بما يشابه أو يقارب الواقع، فأحداث الرواية وإن كانت تدور في فلسطين نهايات الحكم العثماني والسنوات الأولى من الاحتلال البريطاني، إلا أنها عند المقارنة بحاضر الثقافة العربية الواحدة تكشف أننا ما زلنا نراوح في نفس الموروث الثقافي المشترك، كأننا لا نتغير في دنيا دائمة التغير، فالمحاولة هنا محاكاة ما كان عسى أن يضيء بعض أسباب ما هو كائن.

تلتقط الرواية في بدايتها صورة للانقياد الشعبي الساذج وراء الموقف الرسمي، ثم ارتطامه بالواقع الذي يدق أعناق الجميع، تلج الرواية الريف الفلسطيني لتقدم ثلاثة نماذج تحكّمت فيه وشكّلت أدوات وركائز أساسية للحكم العثماني: الإقطاعيين، والمخاتير، ورجال الدين’ الزائفين’، هؤلاء الذين ما أن جاء الاستعمار البريطاني حتى عدّلوا مواقعهم وصاروا ركائز الحكم البريطاني.

تفضح الرواية خيانة هؤلاء، وتعرّي ادعاءاتهم بالحفاظ على العرض والدين والشرف، في حين كانوا هم من ينتهك الدين والأعراض والشرف الأكبر، شرف الوطن، بالخيانة التي وصلت حد القتل، وتعري الرواية، أيضا، دور( المشايخ)، الخطر الذي مزج في أذهان الناس بين العادات والتقاليد والدين والتبشير بدخول الجنة مشروطا بإطاعة أولي الأمر. لعب هؤلاء دور الكاهن، بينما لعب الاحتلال والإقطاعيون دور الجلاد.

ثم تتناول قيمة اجتماعية أخرى مدمّرة هي مفهوم الثأر المتجذّر في العقلية العربية، وتظهر بشاعتها من خلال معارك دموية لا ترحم، وتضيء جانباً مخفيا هو أن العديد من الثارات نبعت بسبب استغلال الإقطاعيين ضعف مركز الدولة العثمانية ودخولهم في حرب ضد بعضهم بعضاً لزيادة أملاكهم وعدد فلاحيهم، واستخدام الفلاحين كوقود لحروبهم التي بسبب الولاءات العائلية والعشائرية أورثتهم دوامة من الثارات، والنتيجة فناء عائلات وتشتت بعضها وهروب الكثيرين، كان هذا حصاد الفلاحين من حروب الإقطاعيين دون أن يلتفتوا إلى الجناة الأصليين في مآسيهم.

في الفصل الأخير تدخل الرواية إلى المدينة لتصف أول ثورة حقيقية نشبت في البلاد ضد الوجود اليهودي، ثورة يافا والعديد من المدن التي كادت أن تجهض المشروع الصهيوني في مهده، لولا تدخل القوات البريطانية وبطشها.


أضف تعليق