تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

رواية “لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة” تجريب يتجاوز السرديات الثابتة رواية “لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة” تجريب يتجاوز السرديات الثابتة

رواية “لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة” تجريب يتجاوز السرديات الثابتة <!--:en-->رواية “لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة” تجريب يتجاوز السرديات الثابتة

يقدم الكاتب الإماراتي محمد خميِس بروايته الجديدة “لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة” الصادرة حديثاً عن دار “كُتّاب” للنشر والتوزيع، نموذجاً مختلفاً عن السائد والمألوف في السرديات الإماراتية والعربية الكلاسيكية أو المعاصرة. ويمكن إعتبارها مغامرة روائية تجريبية بامتياز، إذ لا ينحصر وجه الاختلاف أو المغايرة على المستوى الفني، سواء لجهة أسلوب السرد وتكنيك التداعي والحبكة الأدبية، أو لجهة بناء الشخصيات في اللعبة الروائية وتطورها بما يتماهى مع الوقائع أو الأحداث، وإنما يتعداها إلى شكل الحكاية، التي تبدو في سياق النص وكأنها حكاية فانتازية تتمظهر بالوقوف على التخوم ما بين الخيال والواقع، بالحدود الصارمة التي تستجيب للشرط الأول في الفن الروائي. ولكنها في الحقيقة هي حكاية فانتازية مغرقة برومانسيتها التخييلية وتداعياتها المبسطة التي تقارب السذاجة ببراءتها، وتلامس مسرح العبث بهذيانها، أو الكوميديا الباكية الضحوك بسوداويتها، وفي الوقت عينه، هي حكاية مثقلة بالرموز والدلالات والإشارات الكاشفة، المتوهجة، الساطعة، التي تحيل الذهن إلى الواقع بمنتهى الصدق العاري، الذي لا يقبل التأويل أو التضليل، بل تحيله إلى قلب الواقع كما هو بكل فجاجته وقسوته، بكل مرارته وإخفاقاته وبكل إنكساراته وارتداداته، ما يصفع الوعي ويعيده إلى مواجهة الحقيقة المؤلمة، التي تهز الناموس وتجرح الوجدان وتغور عميقاً في الذات، عندما تصبح الذات وحيدةً بمواجهة خيباتها واحباطاتها من دون أدنى رتوش أو تزييف . الرواية تحكي قصة إبراهيم مطر وعائلته، باعتبارها أسرة مستورة، فالجميع يعملون ويعيشون في منزل صغير متهالك. الأب بواب مدرسة ابتدائية، قضى سنوات عمره ينتظر قطعة أرض وإعانة حكومية، لينتقل بأسرته إلى بيت أوسع، ولكنها لم تأت بحياته. لذلك عندما تزوج محمد الأخ الأكبر، الذي ترك التعليم والتحق بجيش الحكومة طوعاً، لمؤازرة الوالد بأعباء المعيشة، لم تحتمل زوجته الحياة مع أسرته بعلبة سردين، فكان الطلاق بعد سبعة شهور. وعندما جاءت الموافقة على منحة الأرض والإعانة، لم يتمكن الأخوة الكبار من استلام سند الملكية، لأن “جيش الجمهورية الإسلامية الديرانية” اجتاح البلاد، إثر قيام إسرائيل بقصف مفاعلاتها النووية، فوقعت الحرب وانجرت إليها أميركا، ما أرغمهم على الإستدارة بسيارتهم هرباً من حاجز لقوات العدو، ولكنهم ما إن وصلوا المنزل، حتى داهمه جنديان “ديرانيان”، بحثاً عنهم بغطرسة المحتلين، التي أربكت وأفزعت الجميع، ما دفع خولة لإستخدام مسدس ابراهيم وقتل أحد الجنديين وإصابة الآخر. وهكذا وجد الأخوة أنفسهم مجتمعين في إطارٍ مقاومٍ للاحتلال من دون تخطيط مسبق، رغم إختلاف الأهواء السياسية والميول الفكرية فيما بينهم. وبعد تداول بالأمر غادر الجميع المنزل، ملتحقين باسرة أحمد صديق عبدالله، المصنف من الدرجة الثانية بالتجنيس، فاستقبلهم أبو أحمد بحميمية مدهشة، حيث وضع كل علاقاته وخبراته وثروته الطائلة بتصرفهم في إطار جهدهم المقاوم، بعد أن ضم إليهم ولده الوحيد أحمد، وصار هو الرأس المخطط والمدبر للعمليات ضد الإحتلال. وانضمت إليهم حصة معشوقة ابراهيم المحرمة، التي طلب منه زوجها سيف، رئيسه النقيب في الشرطة أن يضمها لشقيقاته، لأنه مشغول بأمور هامة، ويتضح لاحقاً أنه مهتم بإخفاء والده المطلوب رأسه من الأميركيين و”الديرانيين” على حد سواء. وفي “فيللا” أبو أحمد تم توزيعهم إلى خليتين مقاومتين، تنشطان في المواجهة، فسالت الدماء، وتطايرت الأشلاء، وأنتُهكت الأعراض، وضاع الأحبة، ولم تنجو من محرقة الحرب حتى خولة، التي لا تعرف من الدنيا سوى الدهشة وكتابة اليوميات تنفتح الرواية على مسارات متعددة، تتقاطع فيها الأقدار الفائقة بغرائبية تستعصي على التصور، بحيث تصل الأحداث في بعض المواقف إلى ما يتجاوز حدود المنطق، وخاصة عندما يُقدِم الابن على قتل الأب، بعدما ظن أنه يتعامل مع الإحتلال، لأنه شاهده يتلقى مظروفاُ من أحد الضباط “الديرانيين” ويعطيه بدوره مظروفاً آخر، وقطع الشك باليقين بعد أن داهمت قوة للإحتلال بقيادة الضابط بهرام، الذي كان والده يحذرهم منه، وأعتقلت نواة المقاومة بما فيها البنات، وأخذت تسأل عن البطل إبراهيم مطر بالإسم، بحثاً عن أبي سيف الذي لا يعرف مكانه أحد سوى الابن القاتل والأب القتيل وإبراهيم المطلوب وشقيقه سالم، ليكتشف لاحقاً أن والده كان يشتري المعلومات من الضابط “الديراني”، وأن العميل هو سالم “الإخوانجي”، الذي تلاقى مشروعه الإسلاموي مع “الديرانيين” لإقامة دولة الخلافة، ففشى لهم بالسر. ومع ذلك تبقى المفارقات على قسوتها ولا عقلانيتها مقبولة في سياق عرض تداعيات ومفاجآت الحرب، التي من طبيعتها تحطيم نواميس المنطق والعقل. وهي مفارقات دفع بها الكاتب إلى ذرى من الغرائبية والتشويق والإثارة المفرطة، تتمازج فيها العواطف الشخصية بالإنتماء الوطني، مع النزعات الإنسانية، بخيرها وشرها، بقوتها وضعفها، في صراع عنيف لا يخلو من الصدمات التي تثير الدهشة والمتعة في آن واحد .يقدم الكاتب الإماراتي محمد خميِس بروايته الجديدة “لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة” الصادرة حديثاً عن دار “كُتّاب” للنشر والتوزيع، نموذجاً مختلفاً عن السائد والمألوف في السرديات الإماراتية والعربية الكلاسيكية أو المعاصرة. ويمكن إعتبارها مغامرة روائية تجريبية بامتياز، إذ لا ينحصر وجه الاختلاف أو المغايرة على المستوى الفني، سواء لجهة أسلوب السرد وتكنيك التداعي والحبكة الأدبية، أو لجهة بناء الشخصيات في اللعبة الروائية وتطورها بما يتماهى مع الوقائع أو الأحداث، وإنما يتعداها إلى شكل الحكاية، التي تبدو في سياق النص وكأنها حكاية فانتازية تتمظهر بالوقوف على التخوم ما بين الخيال والواقع، بالحدود الصارمة التي تستجيب للشرط الأول في الفن الروائي. ولكنها في الحقيقة هي حكاية فانتازية مغرقة برومانسيتها التخييلية وتداعياتها المبسطة التي تقارب السذاجة ببراءتها، وتلامس مسرح العبث بهذيانها، أو الكوميديا الباكية الضحوك بسوداويتها، وفي الوقت عينه، هي حكاية مثقلة بالرموز والدلالات والإشارات الكاشفة، المتوهجة، الساطعة، التي تحيل الذهن إلى الواقع بمنتهى الصدق العاري، الذي لا يقبل التأويل أو التضليل، بل تحيله إلى قلب الواقع كما هو بكل فجاجته وقسوته، بكل مرارته وإخفاقاته وبكل إنكساراته وارتداداته، ما يصفع الوعي ويعيده إلى مواجهة الحقيقة المؤلمة، التي تهز الناموس وتجرح الوجدان وتغور عميقاً في الذات، عندما تصبح الذات وحيدةً بمواجهة خيباتها واحباطاتها من دون أدنى رتوش أو تزييف . الرواية تحكي قصة إبراهيم مطر وعائلته، باعتبارها أسرة مستورة، فالجميع يعملون ويعيشون في منزل صغير متهالك. الأب بواب مدرسة ابتدائية، قضى سنوات عمره ينتظر قطعة أرض وإعانة حكومية، لينتقل بأسرته إلى بيت أوسع، ولكنها لم تأت بحياته. لذلك عندما تزوج محمد الأخ الأكبر، الذي ترك التعليم والتحق بجيش الحكومة طوعاً، لمؤازرة الوالد بأعباء المعيشة، لم تحتمل زوجته الحياة مع أسرته بعلبة سردين، فكان الطلاق بعد سبعة شهور. وعندما جاءت الموافقة على منحة الأرض والإعانة، لم يتمكن الأخوة الكبار من استلام سند الملكية، لأن “جيش الجمهورية الإسلامية الديرانية” اجتاح البلاد، إثر قيام إسرائيل بقصف مفاعلاتها النووية، فوقعت الحرب وانجرت إليها أميركا، ما أرغمهم على الإستدارة بسيارتهم هرباً من حاجز لقوات العدو، ولكنهم ما إن وصلوا المنزل، حتى داهمه جنديان “ديرانيان”، بحثاً عنهم بغطرسة المحتلين، التي أربكت وأفزعت الجميع، ما دفع خولة لإستخدام مسدس ابراهيم وقتل أحد الجنديين وإصابة الآخر. وهكذا وجد الأخوة أنفسهم مجتمعين في إطارٍ مقاومٍ للاحتلال من دون تخطيط مسبق، رغم إختلاف الأهواء السياسية والميول الفكرية فيما بينهم. وبعد تداول بالأمر غادر الجميع المنزل، ملتحقين باسرة أحمد صديق عبدالله، المصنف من الدرجة الثانية بالتجنيس، فاستقبلهم أبو أحمد بحميمية مدهشة، حيث وضع كل علاقاته وخبراته وثروته الطائلة بتصرفهم في إطار جهدهم المقاوم، بعد أن ضم إليهم ولده الوحيد أحمد، وصار هو الرأس المخطط والمدبر للعمليات ضد الإحتلال. وانضمت إليهم حصة معشوقة ابراهيم المحرمة، التي طلب منه زوجها سيف، رئيسه النقيب في الشرطة أن يضمها لشقيقاته، لأنه مشغول بأمور هامة، ويتضح لاحقاً أنه مهتم بإخفاء والده المطلوب رأسه من الأميركيين و”الديرانيين” على حد سواء. وفي “فيللا” أبو أحمد تم توزيعهم إلى خليتين مقاومتين، تنشطان في المواجهة، فسالت الدماء، وتطايرت الأشلاء، وأنتُهكت الأعراض، وضاع الأحبة، ولم تنجو من محرقة الحرب حتى خولة، التي لا تعرف من الدنيا سوى الدهشة وكتابة اليوميات تنفتح الرواية على مسارات متعددة، تتقاطع فيها الأقدار الفائقة بغرائبية تستعصي على التصور، بحيث تصل الأحداث في بعض المواقف إلى ما يتجاوز حدود المنطق، وخاصة عندما يُقدِم الابن على قتل الأب، بعدما ظن أنه يتعامل مع الإحتلال، لأنه شاهده يتلقى مظروفاُ من أحد الضباط “الديرانيين” ويعطيه بدوره مظروفاً آخر، وقطع الشك باليقين بعد أن داهمت قوة للإحتلال بقيادة الضابط بهرام، الذي كان والده يحذرهم منه، وأعتقلت نواة المقاومة بما فيها البنات، وأخذت تسأل عن البطل إبراهيم مطر بالإسم، بحثاً عن أبي سيف الذي لا يعرف مكانه أحد سوى الابن القاتل والأب القتيل وإبراهيم المطلوب وشقيقه سالم، ليكتشف لاحقاً أن والده كان يشتري المعلومات من الضابط “الديراني”، وأن العميل هو سالم “الإخوانجي”، الذي تلاقى مشروعه الإسلاموي مع “الديرانيين” لإقامة دولة الخلافة، ففشى لهم بالسر. ومع ذلك تبقى المفارقات على قسوتها ولا عقلانيتها مقبولة في سياق عرض تداعيات ومفاجآت الحرب، التي من طبيعتها تحطيم نواميس المنطق والعقل. وهي مفارقات دفع بها الكاتب إلى ذرى من الغرائبية والتشويق والإثارة المفرطة، تتمازج فيها العواطف الشخصية بالإنتماء الوطني، مع النزعات الإنسانية، بخيرها وشرها، بقوتها وضعفها، في صراع عنيف لا يخلو من الصدمات التي تثير الدهشة والمتعة في آن واحد .


أضف تعليق