تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

رواية “الشمندورة”.. سجل توثيقي لحياة النوبيين

رواية “الشمندورة”.. سجل توثيقي لحياة النوبيين

وصفت رواية “الشمندورة” للكاتب النوبي محمد خليل قاسم بأنها أوّل رواية نوبية في الأدب العربي، واعتبرها الباحث شكري عيّاد لا تقل عن رواية الأرض لعبدالرحمن الشرقاوي، وإن كانت الفصول الأخيرة في “الشمندورة” تتفوّق على الأرض بكثير.

وفي الحقيقة لم تكن رواية الشمندورة مجرد رواية يغلب عليها الطابع الحكائي المازج بين الوقائعي والتخييلي، بقدر ما كانت “مانفستو” ضدّ ما حَاق بالنوبة القديمة، ومظلمة وصرخة احتجاج عرّفت العالم أجمع بالقضية النوبية من جراء وقائع التهجير القسري، والشّتات لسُّكان القرى النوبيّة الواقعة في بحيرة ناصر إثر تنشئة خزان أسوان والسّد العالي على مدار حكومات مختلفة.

ورواية “الشمندورة” لم تكن مشروع محمد قاسم الوحيد بل كان يطمح لتحقيق ثلاثية كان تخطيطه لها على هذا النحو “الشمندورة – الطوفان- بعد الهجرة”، مُتتبعا الآثار النفسيّة المدمِّرة للتهجير. وبالفعل فقد شرعَ في كتابة الجزء الثاني “الطوفان” وإن كان على هيئة حلقات مسلسلة للإذاعة وقد أذيعت منه 23 حلقة فقط، ولكنه توفي إثر أزمة قلبية مفاجئة بعد خروجه من السجن في العام 1968 قبل أن ينهيها، فتمّ استكمال السبع حلقات الناقصة بأشعار لزكي مراد، كما ورد في تحقيق لسمر نور عن خليل قاسم كاتب “الشمندورة المظلوم حيا وميتا”.

وتكشف الرواية عن صراع في العلاقة بين أهل النوبة والشمال، فالنوبيّ يرى أن الشمال مصدر للقلق والاضطراب، لكنه يضطر للهجرة إليه للعمل، وهو ما أحدث مشكلات اجتماعية ونفسية واقتصادية. تأتي الشمندورة في 57 وحدة مختلفة كل وحدة عن الأُخرى في الطول والسمك، وتعالج كل وحدة على حدة حدثا فرعيا، يتراكم هذا الحدث الفرعي مع ما يسبقه وما يليه، فيتكوَّن السَّرد من تتابع هذه الوحدات، وقد أخذت هذه الوحدات نظـام التقطيع لا المـواصلة السّـردية.

وتمثل الرواية سجلا توثيقيا لحياة النوبيين وعاداتهم وأنماط معيشتهم، كنوع من الحفاظ على الهوية من الضياع، وهو ما أعقبه بحركة موسّعة من قبل الجيل الثاني حسن نور ويحيى مختار وحجاّج أدّول، في استكمال لتوثيق المسيرة النضالية. ولا يجب أن يغفل الحسّ الوطني الذي تجاوز النوبة ليشمل مصر كلها، فالرواية أذابت الأنا في خضم النحن، وأبرزت الروح الجماعية في الأحزان قبل الأفراح.

المصدر: صحيفة “العرب اللندنية”


أضف تعليق