تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

رواية «الحي العربي».. أفكار متخيلة لأوطان بديلة

رواية «الحي العربي».. أفكار متخيلة لأوطان بديلة

ما إن يطالع القارئ عنوان رواية «الحي العربي» حتى يتداعى إلى ذاكرته ولا شك واحدة من الروايات الكلاسيكية الشهيرة التي كتبت في الخمسينيات، ومثّلت لفترة طويلة شاهدًا على عصر وأفكار ومرحلة هامة في الوطن العربي، وهي رواية سهيل إدريس «الحي اللاتيني» التي اعتبرها البعض سيرة ذاتية له من جهة، وكانت من أوائل الروايات التي عكست ذلك الصراع والحوار الدائم بين الشرق والغرب روائيًا، وهي الرواية والتجربة التي تم استلهام روحها في عدد من التجارب الروائية فيما بعد، لا سيما تلك التي تتحدث عن العرب المغتربين في بلاد أوروبا وما يحملونه من قيمٍ وعادات وما يعودون به من تغيرات جذرية في الأفكار والرؤى.

ولكن ما الذي يحدث لو نقلنا الوطن العربي أو لنقل جزءًا منه إلى هناك؟ هل تنتقل الأوطان فعلاً؟ هل بإمكاننا بعد كل هذه الثورات والحركات والتغيرات العالمية والدولية أن نتخيّل أو نحلم بإقامةٍ وطنٍ بديل على أرضٍ مغايرة؟ هل من الممكن بالفعل أن يكون هناك وطن للعرب داخل حدود الغرب قائم وفق أعرافهم وتقاليدهم، وينعم بمجرد وجوده هناك بالكثير من المميزات الخاصة التي لم يرها الناس ولم يسمعوا عنها إلى هناك؟

من هذا السؤال الكبير، ومن هذا الافتراض الخيالي الجامح ينطلق أسامة علام في روايته الجديدة «الحي العربي» الذي يفترض فيه أن العرب استطاعوا بالفعل أن يسيطروا بشكلٍ مفاجئ على أحد أحياء كندا، وبموافقةٍ من الحكومة هناك تم بالفعل إقامة دولة صغيرة هي الحي العربي، وانتقل لها بالتبعية كل هموم ومشكلات وأزمات ومصائب الوطن العربي ولكن في بيئة مختلفة تمامًا تؤمن بالعدل والحرية والمساواة، ويسعى فيها المواطنون العرب لأول مرة في حياتهم لكي يحصلوا على حقوقهم البسيطة.

أجاد أسامة علام في رسم شخصياته وتقسيم فصول السرد عليهم، ليعرض نفسياتهم وأحلامهم وأطماعهم ورغباتهم في الوقت نفسه، حتى لتبدو كل شخصيةٍ من شخصيات الرواية معبّرة أو عاكسة لشريحة من المجتمع العربي. فلدينا الفنان، ولدينا المستسلم اللامبالي بما يحدث، كما لدينا الرومانسي الحالم. كل هذه الشخصيات يأتي الحديث عنها بشكلٍ مفصّل حتى يكاد القارئ يعرف كل شيءٍ عنهم، ويتوقع ردود أفعالهم، ربما يكون الاستثناء الوحيد من بينهم شخصية الابن ياسين الذي يحدث له تحول مفاجئ في نهاية الرواية ربما لم يكن له ما يبرره.

لا شك أن الفكرة التي قامت عليها الرواية تبدو أكثر رحابةً واتساعًا وثراءً ربما مما جاءت به الرواية، لا سيما في بعض التفاصيل الخاصة بتولي زعبوط رئاسة الدولة/الحي الوليد، وعلاقته الملتبسة بأبنائه الذين سعى أسامة علام إلى أن يعكس عليها بعض الصفات السائدة لدى الكثير من عرب المهجر، خاصة فيما يتعلق بمحاولات الانغماس داخل المجتمع الجديد المختلف وما يتمتع به من حرية، ويبقى أن الفكرة قابلة لإعادة التداول مرة أخرى وطرح وجهات نظر مختلفة.

المصدر: موقع إضاءات

 

 


أضف تعليق