تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

“ذاكرة الجسد” في قراءة نقدية

“ذاكرة الجسد” في قراءة نقدية

لاقت رواية ذاكرة الجسد الكثير من الجدل منذ نشرها عام 2000، ويعود هذا الجدل حول هوية كاتب الرواية والتشكيك بهوية الكاتبة، حيث تنسب الرواية إلى الشاعر السوري نزار قباني تارة، و تنسبها الى الشاعر العراقي سعدي يوسف تارة اخرى. وعلى الرغم من هذا التأرجح بهويه الكاتب استطاعت احلام مستغانمي ايجاد ارضية صلبة لروايتها بين الروايات العربية الاخرى.

واثبات جدارتها كروائية موهوبة حيث تعد الرواية من اشهر الروايات العربية المعاصرة والتي تسلط الضوء على الواقع الجزائري ابتداء من الثورة الجزائرية وبعد الاستقلال.

وتميزت الرواية بعد ه مميزات اهمها كون اول الروايات الجزائرية والنسائية والتي حرصت الكاتبة على كتابتها باللغة العربية الفصحى الى جانب تعبيرها عن الهوية العربية لتجتاز العقدة الجزائرية من اللغة العربية وتسليط الضوء على الارث البطولي لبلد سمي ببلد المليون شهيد وآخرها تعبيرها عن انفعالات وطموحات بطل الرواية خالد في حرب تحرير الجزائر والتي تدور حوله القصة فاستطاعت الكاتبة على الرغم من كونها امراْه التعبير عن شخصيه الرجل العربي بسماته الشخصية بدقه متناهية.

وتحكي الرواية عن احداث حرب التحرير وبعد التحرير، حيث سلطت الضوء على بطل الرواية خالد الذي فقد ذراعه اليسرى اثناء مواجهته مع الاحتلال الفرنسي ليكرم بعد فتره وجيزة بإعطائه منصب اداره احدى دور النشر في الجزائر ليصبح بعدها الى شرطي يتجسس مابين الاسطر حتى يلتقي بزياد خليل شاعر فلسطيني الذي يقلب حياه خالد رأسا على عقب خاصة بعد موقف زياد الرافض لحذف بعض الابيات الشعرية من قصائده والتي تنال من بعض الحكومات العربية والذي يصبح بعد هذا الموقف صديقا حميما لخالد ليترك بعدها دور النشر وينتقل الى فرنسا بعد احترافه الرسم وزجه بالسجن في الجزائر بتهمه الخيانة ليعود بعدها الى احضان محتله بالأمس ليتعرف هناك على بطلة الرواية احلام ابنة صديقه المناضل سي طاهر والذي تولى مسئولية تسجيلها بهذا الاسم الذي اوصاه به سي طاهر قبيل وفاته في المعركة الاخيرة.
تكبر هذه الفتاه ويتعرف عليها فيقع في غرامها منذ اول زيارة لها لمعرضه وهي الطالبة والكاتبة التي قدمت الى فرنسا لإكمال دراستها تكريما لأبيها الشهيد سي طاهر.

و يسلط بطل القصة خالد الضوء من خلال قصته بصوره با نو راميه لماضي ومآثر وحاضر الجزائر في فتره الثمانينيات وذلك بصوره نقدية للأوضاع بعد تحريرها من انتشار النزعة الاستهلاكية الى ابتعاد الحكومة عن روح مبادئ الثورة الى الاضمحلال الفكري والثقافي للشعب الجزائري ، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الحركة الاسلامية المتنامية والذي يجسدها ناصر شقيق احلام والتي خذلته الحكومة بمنحه احنه ومتجر لبدء حياته التجاريها عترافا بمناقب والده والذي ينتهي به المطاف باعتزاله الناس واعتكافه في المسجد .

الرواية تعبر بشكل عام عن انحسار نفوذ اليسار الذين شاركوا في حربا لتحرير والتي عبرت عنه الكاتبة بفقدان خالد لذراعه اليسرى وبروز الطبقة البرجوازية والتي تتحكم بمقاليد الحكم وظهور التيار الاسلامي بأسلوب مركب من المذكرات الشخصية خاصة اذا علمنا ان احلام مستغانمي ابنه احد شهداء التحرير وبين المقال النقدي والسرد البانورامي بلغة تعبيرية دقيقة وقوي هو غزيرة وأحكام بمقاليد السرد بطريقه دائرية كابتداء احداث القصة خالد وهو يحاول ان يكتب في منزل شقيقه احسان المتوفي وانتهاء القصة به وذلك من خلال توظيف الفلاش باك وتوظيف ( المونولوج) الحديث الداخلي ليضفي عمقا لشخصيه بطل الرواية.
تعد القصة من اجمل الروايات التي عبرت عن الآمال العريضة للشعوب العربية وذلك من خلال تركيزها على قصة حرب التحرير والحقبة التي بعدها لتصبح هذه القصة ذاكرة اجساد افنوا انفسهم فداء للوطن بل انها ذاكرة اوطان مازالت الى يومنا مثخنة بجراح الاحتلال والخيانة.


أضف تعليق