تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

صدور رواية “حرّاس الماء”.. لـ إيمي إيتورانتا

صدور رواية “حرّاس الماء”.. لـ إيمي إيتورانتا

أطلقت الفنلندية إيمي إيتورانتا (ولدت في هلسنكي 1976) روايتها “حرّاس الماء” التي تتحدث عن مستقبل البشرية المعتم على كوكب الأرض، وتصوّر عصراً قادماً يندر فيه الماء العذب، ويكون الصراع على أشدّه بين القوى الساعية للهيمنة على ينابيع المياه وتأمينها للاستمرار على قيد الحياة.
تفترض إيتورانتا في روايتها -ترجمة علاء الدين أبو زينة، دار المنى، السويد، 2014- التي تنتمي إلى أدب الخيال العلميّ، أنّ عصر حروب الماء يعقب عصر الحروب والصراعات على النفط، وتصوّر حجم الدمار الذي يتعرّض له الكوكب جرّاء جشع الإنسان وجنونه للسيطرة والثراء، وما ينتجه من مآسٍ، إذ تتهدّم الكيانات القديمة بحسب تصويرها للعصر القادم، وتتغيّر الخرائط وأسماء القارّات، وتختلف المسافات والأبعاد، ويتغيّر البشر تبعاً للزمن الذي يجدون أنفسهم فيه، وتبعاً لحاجاتهم المستجدّة.
تقسّم الكاتبة روايتها إلى ثلاثة أجزاء: “حرّاس الماء”، “الفضاء الأخرس”، “الدائرة الزرقاء”، تمهّد لكلّ جزء بمقطع من كتاب مفترض “طريق الشاي” ممّا تطلق عليه أنّه من القرن السابع من عصر تشيان القديمة. ويحمل افتراض القديم في المستقبل نوعاً من المناقضة في الوقت نفسه، وهو ربّما يحمل تعبيراً عن إعادة تدوير ما كان، والاشتغال من البداية بما يمثّل نوعاً من عود على بدء في تطوّر الإنسان وسيرورة الحياة على الأرض.
وتصوّر إيتورانتا كيف أنّ مدن ناطحات السحاب تصبح شيئاً من الماضي، ذلك أنّ التحصّل على الماء يكون غاية الجميع، وتوقف السلطات الحاكمة في الممالك الجديدة الناشئة قدراتها وطاقاتها كلّها لاكتشاف ينابيع المياه العذبة والسيطرة عليها لأنّها تشكّل عصب الحياة. وبالمقابل تمنع عن الناس الماء إلا بكمّيات محدودة لا تكاد تروي غليلهم.
لا تختم الكاتبة روايتها بانتصار الخير على الشرّ، ولا بنهاية سعيدة تعود فيها البشريّة إلى أمجادها، بل تنذر بوجوب استنفار القوى للحؤول دون تجدّد الكوارث، والبحث عن حلول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بحيث أنّ الخيال يجب أن يتوجّه إلى البناء لا إلى التدمير، ووجوب تخفّف البشر من نوازع الشر الكامنة في التحكّم بالآخر ووضع القيود عليه، والسعي للتعاون معه لإيجاد مشتركات للعيش وخلق أرضيّة لذلك. وتحمل جملتها الأخيرة أملاً لا بدّ منه في مواجهة حاضر قاهر: “العالم غبار ورماد هذا الصباح، لكنّه ليس خالياً من الأمل”.
وتتحدّث إيتورانتا عن فلسفة الماء، عن فقهه وعظمته ودوره في إنقاذ الحياة، تؤسّس له ذاكرة تنضح بالأمل. وتوجب المحافظة عليه كأعظم الأسرار والثروات، وعدم التفريط به تحت أيّة ذريعة، لأنّ القادم ينذر بما هو أسوأ، بحيث قد تتحوّل قطرة الماء إلى حلم غير مقدور عليه، وإلى أعظم الأماني. تشير إلى دور المرأة الهامّ في المحافظة على سرّ الحياة، ولغزها، ومساهمتها في حماية الكوكب وإنقاذه من يد جنرالات الحروب الذين تقودهم شهوة القتل إلى مسارح العبث والجنون.
وتصف إيتورانتا كيف يتمّ التعدّي على الثروة المائيّة، وتنذر بشحّ المياه على الأرض، جرّاء الحروب التي تلوّث المياه، وتبدّد الثروة، وتشير إلى أنّ التغيّرات الجيولوجيّة العاصفة ستخلق أجيالاً عطشى يقودها الهوس للهيمنة على الموارد المائيّة أكثر من الشهوة التي تتحكّم بالبشر راهناً في حروبهم النفطيّة المستعرة.
وتنذر الروائية الفنلندية ببربريّة مستقبليّة قادمة تلي البربريّة الراهنة، وربّما تتفوّق عليها في وحشيّتها، ويكون عملها بمثابة إشعار بضرورة التحرّك لإيقاف الانهيار المرتقب والسقوط في هاوية العطش والعدم معاً. ويكون مرتكزها الأساس ومنطلقها الأبرز متجسّداً في مقولتها الرامية إلى عدم تحويل نعمة الماء إلى لعنة.


(1) تعليق

  • منيرة بلقاسم

    بسم الله الرّحمان الرّحيم

    يبدو لي أنّ المبدع خلق ليتحمّل ممسؤوليّة انسانية كبرى كالنصيحة والتحذير والتّوجيه الى صالح الأنسان ولذلك وجب عليه ان يعي هاته الامانة الملقاة على عاتقه .


أضف تعليق