تخطي التنقل

لقد تم فتح باب الترشح في مسابقة كتارا للرواية والفن التشكيلي.

«تأويل المتخيل».. حينما تعيد الرواية قراءة الواقع

«تأويل المتخيل».. حينما تعيد الرواية قراءة الواقع

ينهي الناقد والأكاديمي الجزائري عبدالقادر فيدوح كتابه “تأويل المتخيل: السرد والأنساق الثقافية”، بحوارين أدلى بهما لصحيفتين عربيتين، وربما إثباته لهما  كخاتمة لكتابه النقدي، يجىء للتأكيد على أفكار طرحها عبر صفحات كتابه الصادر في 2019 في دمشق عن دار صفحات للدراسات والنشر، ومن هذه الأفكار أن جيل الألفية الثالثة من الروائيين يرفض الفكر الشمولي الذي استبعد الوجود في معناه الإنساني، لذلك استبعدت الرواية الجديدة الموضوعات المؤدلجة، ومالت إلى موضوعات جديدة تتداخل فيها النزعة الذاتية مع الحس، والخيال مع الرمز، والواقعي مع العجائبي، وأن الواقع  في تصور الجيل الجديد  مجرد خيال، نظير وفرة المصطنعات على حد تعبير جون بودريار.

ومن ثمَّ فإن الرواية تعيد قراءة الواقع في ظل المتغيرات اللاهثة في المجتمع الجديد، كما كشفت عن تحول كبير في مسار الرؤية السردية، فمالت الرواية المعاصرة إلى قلب العلاقة بين ما هو عاديّ وما هو متسامٍ، وفوق العادي وهي الفكرة التي نادى بها أيضا جان بودريار في ظاهرة اختفاء الواقع ونشوء فوق الواقع كما في رواية حكاية العربي الأخير للروائي واسيني الأعرج.

يبدأ فيدوح كتابه بسرديات الواقع الجديد معتمدا على تنظيرات جان بودريار بخصوص شكل الواقع الجديد، وأهم سماته انهيار المركزية وشيوع ثقافة العنف وقلق الهويات، وذلك يفسر عند الناقد تحول الرواية من صيغة الرواية الواقعية إلى صيغة رواية العولمة التي تؤكدها ممارسات العالم الافتراضي الجديد، ومن ثم ينتقل إلى فضاء العنف الذي اتخذ من الرواية منصة ليعكس فعلاً ممارساً أو مُعايناً، وبالنظر إلى العلاقة التي تجمع بين الرواية والواقع الجديد، فإن حضور السلطة، بجميع أنساقها ووظائفها المعبرة عن القوة، تعدُّ محورا مهيمنا على جميع الأصعدة، وفي جميع مفاصل الحياة ، وفي ضوء هذا يصبح من الواضح أن الرواية مع أفكار جيل زمن الما بعد تنتج نقدا بحجم ما تقدمه السلطة المتلاعبة، أو السلطة في علاقاتها بالقوة، وبجميع أشكالها في الواقع، ومثلما يعيش واقعنا تفكُّكًا، تقابله الرواية بالسياق نفسه في شكل سرد مورَّد بمفاهيم ومصطلحات فرضتها معرفة الآخر، توثيقًا للفعل السياسي المهيمن على مؤسساتنا الرسمية، ما يعني أن مسيرة سرد جيل الألفية الثالثة ملتبسة في تفاصيلها الدقيقة، ولا تفهم إلا في ضوء ما تمليه مورِّدات السرديات الغربية الكبرى.

المصدر: ميدل إيست أونلاين


أضف تعليق