تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

“التي هي أحزن” تجمع بين عالمي القرية والمدينة

“التي هي أحزن” تجمع بين عالمي القرية والمدينة

تتوزع المجموعة القصصية الجديدة للكاتب المصري عمار علي حسن «التي هي أحزن» (الهيئة المصرية العامة للكتاب) على عالمي القرية والمدينة، والأسوياء والمرضى النفسيين، لينتقل من مريض يعاني فصاماً في قـــصة «غرفة تهزها الريح» إلى نموذج آخر للتنـــاقـــض الاجتماعي في قصة «إشارة». ومن بنت صغـــيرة تركب سيارة فارهة وتتبادل النظـــرات مع ولد محشور في باص، إلى فلاح منسحق يحنّ إلى ماضيه في «شبح الظهيرة»، ومـــن ثمّ إلى العـــلاقة الإنسانية التي تجمع فتى بجدته الراحـــلة في «ينتظرون دموعه»، وصولاً إلــى التحديث والعصرنة التي تجرف في طريقها شاــباً يعمل في إصلاح «بوابير الكاز»، فلا يجد عمـــلاً، ويشعر باغتراب شديد، كاشفاً الحقيقة التي لا مفرّ منها ولا مناص والتي تتلخّص بأنّ التطور له مزاياه تماماً كما له ضحاياه.
أما القصة التي حملت عنوان المجموعة «التي هي أحزن» فهي أشبه برواية صغيرة، بحيث يصل عدد صفحاتها إلى مئة وخمسين، إضـــافة إلى السرد الذي ينساب فيها متمهلاً غير متعجل، وإلى شخصيات العمل التي استوفت بناءها الإنساني ومكوناته، عبر التقنيات الروائية المتعددة من سرد ووصف وحوار.
اختار عمار علي حسن أن يشحن بناء قصته درامياً عبر تقنية غنية زاخمة تتناول قضية اجتماعية سائدة عن فشل الكثير من الزيجات وتفشي حالات الطلاق في المجتمع ولا سيما بين الشباب.
تأتي القصة/ الرواية «التي هي أحزن» على لسان راوٍ عليم محيط بالشخصيات والأماكن، وتصل إحاطته إلى دواخل شخصيات العمل وما يدور في نفوسهم وخواطرهم من أفكار ومشاعر ورغبات وصراعات، وربما أتاحت لنا زاوية الرؤية هذه شيئاً من الاتساع وأحاطت بظروف الحدث وفسرت ردود الأفعال وتباينات المواقف.
واللافت أنّ عنصري الزمان الروائي هنا غير محددي الملامح، إذ لم يتعيّن، ولو بالإشارة أو التلميح، شيئاً مما يمنح القارئ دلالة عنهما.
فالأيام والأسابيع ورحلات السفر والعودة إلى الطبيب عزمي وزوجته غدير تحدث من دون تحديد زمني، بمعنى أنّ الزمن لا يتحدد إلا بحلول الليل مثلاً، أو مرور سحابة رمادية مُعتمة أو طلوع شمس مشرقة (في مرّات نادرة)، ليتوافق ذلك مع حالات غدير النفسية ويتمم لوحة معاناتها..
تمتد مساحات مكان الأحداث وتحرك الشخصيات من القاهرة ومصر الجديدة إلى السعودية وتحديداً مدينة جدة، وقد يلاحظ القارئ معرفة الراوي بتفاصيل هذه المدينة وبأهم ميادينها وشوارعها ومحلاتها والمراكز التجارية الشهيرة فيها.
وربما أهم ما يميز هذه القصة – الرواية هو عنصر الصراع الذي يتبدى على مستويات عدة: صراع الرؤى والقيم ودواعي التنشئة، وصراع غدير الجوهري مع عزمي وتطور علاقتها معه من الصمت إلى الاحتجاج والرفض ومن ثمّ الهجر والطلاق. وقد لعب السرد والوصف والحوار أدواراً أساسية في تقـــديم الشخصيات والتعرّف الى مكوناتها الجسدية والنفـــسية


أضف تعليق